السادس: أنه قد ورد في الشرع إطلاقات تقضي بثبوت القضاء في كل فائتة فيثبت بها قاعدة شرعية وافية بما هو المقصود، كقوله عز من قائل: * (وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) * (1) لتحقق الذكر والشكر بالإتيان بالمطلوب في خارج الوقت.
ويعضده بعض الأخبار الواردة في تفسيره وقوله (عليه السلام): " من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته " (2) لشمولها لمطلق الفرائض. وقوله (عليه السلام): " إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه ما استطعتم " (3). فإن من فاته الوقت الأول مستطيع للفعل في الوقت الثاني.
وقوله (عليه السلام): " الميسور لا يسقط بالمعسور " لصدق الميسور على القضاء فيجب.
وفيه أولا: أنه لا ربط له بالمدعى، إذ المقصود ثبوت القضاء بنفس الأمر الأول وكونه تابعا للأداء، وأين ذلك من إثباته بدليل آخر.
وثانيا: أن القاعدة المذكورة في محل المنع، وليس في الآية الشريفة دلالة عليها، إذ بعد تسليم صدق الشكر على فعل المأمور به فدلالتها على ثبوت القضاء موقوفة على اثبات كونه مأمورا به، فلو توقف ذلك على دلالتها عليه لزم الدور.
وأما تجويز مطلق الذكر والشكر فذلك أمر آخر غير ما نحن فيه. والخبر الأول ظاهر في الصلاة المفروضة فلا يعم غيرها. والأخيران مع ضعفهما لا يدلان على اندراج القضاء في المطلوب إلا بعد إثبات وجوبه بدليل آخر وهو أول الكلام، إذ المأمور به والثابت هو المقيد بالوقت وقد علم سقوطه من أصله وغيره ليس من أجزائه ولا من أفراده، فلا يصدق أنه منه ولا أنه مما ثبت أولا حتى يدل نفي سقوطه على إثباته، فإن السقوط فرع الثبوت ولو في الجملة.
ودعوى تركب المقيد من المطلق والقيد فيصدق على المطلق بعد تعذر القيد:
أنه القدر الميسور المستطاع من المأمور به.
مدفوعة بأن غاية ما يمكن استفادته من الخبرين أنه لو وجب على المكلف