وبالجملة ففساد التعليل المذكور ظاهر.
ومثله ما قيل: من أنه لو سقط وجوب الفعل بفوات الوقت لسقط الإثم، لأنه من أحكام وجوب الفعل، فيلزم خروج الواجب عن كونه واجبا، وذلك أن الإثم يترتب على تفويت المأمور به، ومن المعلوم أنه لا بقاء له بعد فواته، كما في سائر موارد العصيان، إذ لا يعقل بقاء التكليف بعد فوات محله بالموت أو غيره، وإنما تبقى الإثم فيه، فإنه من لوازم التكليف السابق، ولو فرض بقاء محله لم يكن هناك إثم، وإنما يلزم خروج الواجب عن الوجوب إذا سقط من غير إثم كما مرت الإشارة إليه.
الثالث: أن العبادة حق الله والوقت المفروض كالأجل له، فيكون الحال فيه على نحو الآجال المقدرة في الديون وسائر الحقوق والمعاملات بالأصل أو الشرط، كالأجل المقرر في الشرع لأداء الدية في العمد وغيره، والمشروط في السلم والنسيئة والقرض وغيرها. ومن البين أن شيئا من ذلك لا يسقط بتأخير الأداء وإن حصل الإثم به فكذا في المقام، وهو قياس مع وضوح الفارق، لثبوت اشتغال الذمة هناك بمطلق الحق، وإنما اعتبر الوقت المخصوص ليكون عليه المدار في المطالبة وعدمها، وجواز التأخير وعدمه وليس بمأخوذ في موضوعه، ولذا لا يصدق عليه القضاء عند أدائه بعد انقضاء أجله، بخلاف العبادات الموقتة لما عرفت من تقييدها بأوقاتها المقدرة، وكذا ما أشبهها من غيرها كحق الخيار والشفعة وغيرهما، لامتناع بقائهما مع تقييدهما ببعض الأزمنة بالأصل أو الشرط كسائر القيود المأخوذة في موضوع الحكم لانتفائه بانتفاء شئ من قيوده فلا يعقل بقاء حكمه، إنما يتم ما ذكر في مثل القضاء الثابت في الذمة - وإن قلنا بوجوب المبادرة إليه في أول زمان الإمكان والأداء في الوقت على القول بوجوب المسارعة إليه في أوله - والحج الواجب على المستطيع وإن وجب تعجيله في السنة الأولى ولذا لا يكون شئ منها في الزمان المتأخر قضاء لعدم كون الوقت فيها مأخوذا في ماهية المطلوب وإنما هناك تكليف آخر تعلق بأدائه فيه.