واحد في الخارج لا تعدد فيه بحسب الوجود إلا أنه بحسب المراد الواقعي ينحل إلى أمرين:
أحدهما: التكليف به من حيث حصول المطلق في ضمنه، فيكون المطلوب بهذا الاعتبار مطلق الصيام من غير اعتبار الخصوصية في أصل المطلوبية.
والآخر: التكليف به مع اعتبار الخصوصية فيه بمعنى الأمر بالمبادرة إليه، فيكون الآمر قد جمع بين التكليفين في خطابه المذكور.
وفيه: أن الأمر المذكور خارج عن مدلول الخطاب وإنما يثبت بدليل من خارج، وإلا فلا يعقل استفادة التكليفين المذكورين من الأمر الواحد المتعلق بالفعل الواحد، لوضوح تنافي الاعتبارين المذكورين وتضادهما فيمتنع اجتماعهما فيه.
وقد يورد عليه أيضا: بأن الاحتمال المذكور إنما يتصور فيما ذكر من الجنس والفصل، إذ لا تقوم للجنس بدون الفصل في الخارج دون ما نحن فيه من القيد والمقيد كالصوم ويوم الجمعة - مثلا - فإنهما شيئان متمايزان في الخارج لا يعقل اتحادهما، لخروج الزمان عن ماهية المأمور به وإنما قيد به لكونه ظرفا للفعل ومطلقه من ضروريات المأمور به ولا يعقل تعلق الطلب به.
وهو سهو ظاهر، إذ ليس المراد من القيد في المقام نفس الزمان المخصوص وإنما هو الإيقاع المخصوص ولا شك في اتحاده مع المطلق بل هو أولى بالاتحاد من الجنس والفصل، لأ نهما ماهيتان مختلفتان بحسب الحقيقة.
فقد يتوهم لذلك تمايزهما في الخارج بخلاف المطلق والمقيد، لاتحادهما بحسب الخارج والحقيقة وإنما يختلفان بحسب الاعتبار، فلا يعقل التمايز بينهما في الخارج وإلا لزم القول بتركب البسائط الخارجية والأمور الاعتبارية من أمور كثيرة متمايزة في الخارج وهو خلاف الضرورة، وبناء كلام الخصم على ذلك غير ظاهر بل الظاهر ابتناؤه على ما مر في المسألة السابقة من القول بجواز استصحاب الوجوب بعد نسخ الجواز.