أما الأول فقد عرفت وهنه، وأما الثاني فلأن مجرد الاستصحاب قاض بحصوله، فإنه إذا كان الإذن في الترك حاصلا وكان الإذن في الفعل مستصحبا حصل انضمام أحدهما إلى الآخر، ولا يعارض الاستصحاب المذكور أصالة عدم الانضمام، فإن الانضمام أمر اعتباري من توابع الاستصحاب المذكور وضرورياته، وقد عرفت أن أصالة عدم التابع لا يعارض استصحاب المتبوع.
والحاصل: أنه يتوقف استصحاب الجنس على حصول ما ينضم إليه من أحد الفصول، فإذا حصل ذلك الفصل حصل الانضمام من استصحابه.
ثم إنه قد بقي في كلامه أمور:
أحدها: أنه إن أراد بالإذن في الترك الإذن المساوي للإذن في الفعل لم يتجه جعله لازما لرفع الوجوب، فإن اللازم له هو الإذن الأعم. وإن أراد به المعنى الأعم لم يتجه عده فصلا للإذن في الفعل، ضرورة كونه معنى إبهاميا مشتركا بين الأحكام الأربعة كالإذن في الفعل، ومع انضمام أحدهما إلى الاخر إنما يقل الاشتراك، لدورانه حينئذ بين أحكام ثلاثة، فكيف يعقل حينئذ تحصله به وخروجه عن الإبهام.
ثانيها: أن المستفاد من كلامه أنه لو تعلق النسخ بالمنع من الترك صح ما ذكر من الاستدلال فيحكم حينئذ ببقاء الجواز، إلا أنه خارج عن محل الكلام وقد عرفت وهنه، فإن الوجوب معنى بسيط بحسب الخارج فبعد ارتفاع المنع من الترك يرتفع الوجوب من أصله سواء جعلناه فصلا له أو لازما.
ثالثها: أن اخراج الصورة المذكورة عن محل الكلام - كما يفيد صريح قوله: إذ النزاع في النسخ الواقع بلفظ نسخت الوجوب ونحوه - غير متجه حسب ما مرت الإشارة إليه.
قوله: * (والمقتضي للمركب مقتض لأجزائه) *.
لا يخفى أن المقتضي للمركب إنما يكون مقتضيا لأجزائه من حيث اقتضائه للمركب، فإذا فرض ارتفاع المركب ارتفع اقتضاؤه لأجزائه، إذ لا اقتضاء بالنسبة