المتحد مع الوجوب المرتفع بارتفاعه، وذلك لا يستلزم كون الجواز مع قطع النظر عن اتحاده بالوجوب مدلولا له حتى يكون الجواز المطلق - أعني مفهوم الجواز في نفسه - مدلولا للأمر، فيعم الجواز المتحد بالوجوب وبغيره من الأحكام المضادة له، فيكون الدلالة عليه باقية بعد ارتفاع الوجوب، فيتوقف بقاؤه حينئذ على ضم أحد القيود لتقومه بها حسب ما توهموه في المقام. ولو سلم كون الجواز المطلق مدلولا له بعد ارتفاع الوجوب فلا مانع من القول بدلالته عليه من دون ثبوت انضمام شئ من القيود إليه ألا ترى أنه يصح التصريح بالإذن في الفعل على سبيل الإطلاق الشامل للأحكام الأربعة من دون بيان شئ من الخصوصيات المنضمة إليه.
غاية الأمر أنه لا بد من كون ذلك الإذن متحققا بحسب الواقع في ضمن أحد الوجوه الأربعة لتقومه بواحد منها. ومن البين حينئذ أن توقف حصول الإذن على أحد القيود المذكورة بحسب الواقع لا يقضي بنفي الإذن المدلول عليه بالعبارة مع عدم ثبوت شئ من تلك الخصوصيات، فدفع دلالته على الإذن من جهة انتفاء الدليل على الخصوصية مما لا وجه له أصلا. وحينئذ فقوله فادعاء بقائه بنفسه بعد نسخ الوجوب غير معقول كما ترى، إذ المدعى حينئذ دلالته على الإذن بنفسه لابقاء الإذن كذلك من دون انضمام شئ من الخصوصيات إليه بحسب الواقع. هذا بناء على ظاهر عنوانه والمصرح به في كلام بعضهم من كون الكلام في الدلالة اللفظية.
نعم لو أراد بذلك رفع دلالته عليه من جهة الاستصحاب - نظرا إلى أنه لما ثبت الجواز والمنع من الترك قبل النسخ من جهة دلالة الأمر عليهما كان قضية الاستصحاب بقاء الجواز الثابت، إذ غاية ما يقتضيه النسخ هو رفع الثاني دون الأول - كان له وجه، إذ لا يعقل استصحاب بقاء الجواز بعد ارتفاع ما يقومه.
ويمكن المناقشة فيه: بأنه إن أريد من الحكم ببقائه بنفسه بقاؤه " بشرط لا " من دون انضمام شئ من الخصوصيات إليه فالأمر كما ذكره، إلا أنه ليس مقصود