إطلاق الأمر مع علم الآمر بانتفاء شرطه، وليس الكلام فيه لاشتماله على المناقضة حسب ما مرت الإشارة إليه، بل إنما البحث في جواز الأمر معلقا على الشرط المفروض حسب ما ذكر السيد في بيان محل الخلاف واستحسنه المصنف، وهذا الوجه وإن كان متجها في بادئ النظر إلا أنه مدفوع بما عرفت، غير موافق لما ذكره من الوجه في ترك العدول من قصده مطابقة دليل الخصم لما عنون به الدعوى، فإنه إنما يوافق الوجه الأول، حيث إن بعض أدلتهم إنما يفيد جواز الأمر مع انتفاء شرط الوجود (1)، كما ستأتي الإشارة إليه في كلام المصنف، مضافا إلى أنه المحكي عن المصنف في وجه عدم الإعجاب.
قوله: * (بشرط أن لا يمنع المكلف، أو بشرط أن يقدر) *.
وهذا ظاهر في كون الكلام في الشرائط الغير المقدورة للمكلف دون المقدورة، ولو كانت من شرائط الوجوب.
قوله: * (ويزعمون أنه يكون مأمورا بذلك مع المنع) *.
قد يقال: إنه إذا فرض كون الأمر معلقا على الشرط المفروض فكيف يعقل أن يكون مأمورا به مع انتفاء الشرط؟ ويمكن أن يوجه: بأن المراد أنهم يزعمون جواز أمره التعليقي مع انتفاء الشرط، وأيضا ليس المراد تعلق الأمر به تنجيزا حال انتفاء الشرط، وهذا العنوان كما ترى تحرير للمسألة الثانية، والمعروف في كتب القوم بيان المسألة الأولى، وهو المناسب لما ذكروه من الأدلة، وقد تدرج هذه فيها بناء على تعميم الأمر في كلامهم للتعليقي والتنجيزي حسب ما أشرنا إليه.
قوله: * (فلا يجوز أن يأمره بشرط) *.
فإن كان عالما بحصول الشرط جاز الأمر ولم يجز الاشتراط، وإن كان عالما بعدمه لم يجز الأمر ولا الشرط، فلا يصح الأمر مطلقا ولا مشروطا، وحينئذ فتندرج المسألة الأولى في كلامه أيضا، وفي قوله: " قبح منا أن نأمره بذلك " لا محالة دلالة على ذلك أيضا.