هذا مبني على حمل العلم بالتكليف على العلم بتعلق التكليف به واقعا، وهو مقصود السيد أيضا، وقوله: " وليس يجب إذا لم يعلم قطعا انه مأمور به أن يسقط عنه وجوب التحرز " إشارة إلى ثبوت التكليف الظاهري بالنسبة إليه، وحصول العلم به قطعا حسب ما قرره، لكن لا يعتبر فيه حينئذ حصول الظن بالواقع، بل يكفي فيه الرجوع إلى الطريق المقرر شرعا، ظنا كان أو غيره حسب ما مرت الإشارة إليه.
قوله: * (إلا بعد تقضي الوقت وخروجه) *.
هذا في المضيق، وأما الموسع فيكتفي فيه تقضي مقدار الفعل ومقدماته التي يتوقف عليها الفعل حينئذ، وقد يعم الوقت في كلامه بحيث يشمل ذلك.
قوله: * (بل كلف بمقدماته... إلخ) *.
لا يخفى أن ما ذكره يخالف ظاهر قوله تعالى: * (إني أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى) * (1)، فإن الظاهر منه كون المأمور به نفس الذبح، وحمله على إرادة المقدمات مجاز، وجعل قوله تعالى: * (صدقت الرؤيا) * قرينة عليه حسب ما ادعاه ليس بأولى من العكس، لكن يمكن أن يقال: إن دوران الأمر بين الوجهين كاف في دفع الاستدلال، نظرا إلى قيام الاحتمال، إلا أن يقال بترجيح المجاز الثاني نظرا إلى قربه، بل يمكن أن يقال بحصول التصديق على سبيل الحقيقة، إذ لم يكن سوى الإتيان بسبب الذبح وقد أتى به، وإن لم يتفرع عليه ذلك لمنعه تعالى إلا أنه يخرج حينئذ عن محل البحث لأدائه المأمور به، وكذا الحال لو قيل بحصول فري الأوداج والتحام العضو بأمر الله تعالى، وكل من الوجهين بعيد مناف لنزول الفداء، إذ هذا ظاهر جدا في كون المطلوب نفس الذبح وعدم حصوله في المقام، وجعل الفداء عوضا عنه، واحتمال كونه فداء عن الذبح نظرا إلى ما يظن من حصول الأمر به بعد ذلك، أو عن بقية المقدمات مما لم يؤمر به، وظن أنه سيؤمر به من التكلفات البعيدة ولا داعي إلى ارتكابه، والحق كون الأمر في المقام