بقاء التكليف بالفعل لم يكن شرط الوجوب حينئذ منتفيا في المقام فيخرج بذلك عن مورد الكلام، وإن قلنا بكونه مانعا من بقائه فلا وجه لجعله مانعا من تعلق التكليف به من أصله مع التمكن من الشرط المفروض.
أقصى الأمر عدم بقاء التكليف مع إقدام المكلف على ترك المقدمة واختياره ذلك، فتكون الصورة المذكورة خارجة عن مورد بحثهم غير مندرجة فيما قرروه من محل النزاع.
هذا، وقد ذكر جماعة منهم الكرماني على ما حكي عنه، والفاضل المحشي، والمحقق الخوانساري اختصاص النزاع بالشروط الغير المقدورة للمكلف، ويظهر ذلك من السيد حسب ما يستفاد مما حكاه المصنف من كلامه، ويظهر أيضا من العلامة في النهاية، وقد قرر النزاع في الإحكام في خصوص ذلك، ونص المدقق المحشي وتبعه بعض الأفاضل بتعميم النزاع في القسمين، فقال: إن تخصيص الشرط بالشرط الغير المقدور غير جيد، لأن الشروط المقدورة التي يكون الواجب مشروطا بالنسبة إليها في حكم الشروط الغير المقدورة وداخل في محل النزاع، حتى أن المسألة المبنية على هذه القاعدة قد تناولت الشرط الاختياري، وهي: أن الصائم لو أفطر ثم سقط فرض صومه لحيض أو سفر، والسفر يتناول الاختياري كما صرح به الأصحاب في هذه المسألة انتهى.
وأنت خبير بأنه إذا كان انتفاء الشرط باختيار المكلف لم يكن هناك مانع من تعلق التكليف بالفعل، فيكون ذلك إيجابا للفعل وللشرط معا، كما هو الحال في إيجاب الطهارة المائية، فإنه إذا تعلق وجوبها بالمكلف كان ذلك مشروطا بالتمكن من الماء، فإذا كان التمكن منه حاصلا للمكلف وكان إبقاء التمكن مقدورا له أيضا وجب عليه ذلك ليتأتى منه أداء الواجب، ولا يكون إتلافه للماء في أول زمان الفعل كاشفا عن انتفاء التكليف، بل قد يكون عاصيا قطعا، وهو شاهد بتعلق التكليف به مع علم الآمر بانتفاء شرطه على الوجه المذكور، وهذا جار في سائر التكاليف أيضا بالنسبة إلى إبقاء القدرة عليها وعلى شروطها، فاندراج الشروط