المفروض، والتكليف الواقعي المشروط به غير حاصل بمجرد الأمر المفروض عند القائل بامتناعه.
هذا، وتحقيق الكلام في بيان محل النزاع في المقام يتم برسم أمور:
أحدها: أن المراد بجواز التكليف بما لا يطاق عند القائل به هو جواز التكليف بما لا يطاق على أنه ما لا يطاق، وهو الذي وقع البحث فيه بين العدلية وغيرهم، وهو إنما يكون إذا كان كل من الآمر والمأمور عالما باستحالته، أو يكون أمر الآمر به على فرض إمكان الفعل، واستحالته مع جهل أحدهما به، أو جهلهما. وأما إذا كان الآمر جاهلا باستحالته فلا إشكال في جواز الأمر به مطلقا، أي من غير أن يكون على نحو التعميم للحالين، سواء كان المتعلق به تنجيزيا أو تعليقيا، أو يكون الآمر معتقدا إمكانه أو شاكا فيه. وبعض الوجوه المذكورة مما لا خلاف، فيه وبعضها مما وقع فيه الخلاف كما سيجئ - إن شاء الله - في الجملة، سواء كان المأمور عالما بالحال أو جاهلا. وإذا كان الآمر عالما والمأمور جاهلا فقد عرفت جواز (1) الأمر به على سبيل الإطلاق، وأما الأمر به مطلقا على ما هو مفروض البحث في المقام فليس منع المانع منه من حيث استحالته ليكون تجويز المجوز من قبيل تجويز التكليف بالمحال، وإلا تمسك به القائلون بجوازه، بل من حيث إمكانه في نظر المأمور فيكتفي به القائل به في جواز التكليف، فكما أنه لا يقبح التكليف بالمحال مع جهل الآمر باستحالته فقد يتخيل عدم قبحه مع جهل المأمور أيضا، نظرا إلى كون إمكان الفعل في نظر المأمور مصححا لأمر الآمر به وإن كان ممتنعا في نظر الآمر. وسيتضح لك الوجه فيه بعد ما سنبينه من حقيقة التكليف.
ويشهد له أيضا: أن القائل بالجواز يقول بسقوط التكليف وارتفاعه من المكلف إذا جاء وقت انتفاء الشرط وعلم المكلف بانتفائه، بل ولو علم بانتفائه قبل ذلك، ولو كان ذلك من جهة جواز التكليف بالمحال لم يختلف فيه الحال.