المقدورة في محل النزاع يقضي بالتزام القائل بالمنع بامتناعه أيضا، والظاهر أنهم لا يلتزمون به، وما ذكروه من الدليل عليه لا يفي بذلك قطعا.
نعم، لو فرض عدم وجوب الشرط المفروض في نظر الآمر صح ما ذكره من الإلحاق، كما هو الحال في ما فرضه من المثال، فإن أريد إدراج الشرائط المقدورة في محل النزاع فليدرج فيه خصوص هذه الصورة دون غيرها، فإن انتفاء الشرط المفروض حينئذ في وقته عن اختيار المكلف بمنزلة انتفاء سائر الشروط الغير المقدورة، لجريان ما ذكروه من الدليل في ذلك أيضا، بخلاف الصورة الأولى.
ولا يذهب عليك أنه إن كان مأمورا بصوم ذلك اليوم مطلقا كان الواجب عليه ترك السفر حتى يتحقق منه الصوم الواجب، وكان الحال فيه كسائر شروط الوجود حسب ما ذكرنا. وإن كان وجوبه عليه مشروطا بعدم السفر لم يكن مأمورا بالصوم مطلقا، بل على تقدير انتفاء الشرط، فيخرج عن موضوع هذه المسألة ويندرج في المسألة الثانية حسب ما قرره السيد (رحمه الله)، فإدراج الشرائط المقدورة في المقام ليس على ما ينبغي، كما لا يخفى.
ثالثها: أنه لا إشكال ظاهرا في جواز الأمر بالفعل على سبيل الامتحان والاختبار مع علم الآمر بانتفاء شرطه في زمان أدائه واستحالة صدوره من المكلف في وقته مع جهل المأمور بحاله، فيتحقق التكليف بالفعل بحسب الظاهر قطعا، ويرتفع ذلك بعد وضوح الحال، ولا نعرف في ذلك مخالفا من الأصحاب وغيرهم كما اعترف به بعض الأفاضل، سوى ما حكي عن السيد العميدي (رحمه الله) من منعه لذلك حسب ما يستظهر من كلامه، وهو ضعيف جدا، لوضوح أنه كما يحسن الأمر للمصلحة الحاصلة في المأمور به فكذا يحسن للمصلحة المترتبة على نفس الأمر من جهة امتحان المأمور واختبار حاله في الانقياد وعدمه، وغير ذلك، وإن لم يكن المطلوب حسنا بحسب الواقع في نفسه، أو لم يكن المكلف متمكنا من أدائه، غاية الأمر عدم وجوب التكليف بالمحال في الصورة الأولى.
وحجة السيد (رحمه الله) على المنع ما فيه من الإغراء بالجهل، نظرا إلى دلالة ظاهر