ومحصله: أن يتعلق الأمر بفعل لا يتمكن المكلف من إيقاعه، لانتفاء أحد شرائطه لا عن سوء اختيار المكلف. فالمقصود بالبحث: أن تلك الشروط المفروضة كما أنها شرط لوجود الفعل ولوجوبه أيضا مع علم المأمور به والآمر فهل هي شرط لوجوبه مع جهل المأمور أيضا إذا كان الآمر عالما بالحال وباستحالة وقوع الفعل من دونه فلا يمكن تعلق التكليف به، أو أنه لا مانع من تعلق التكليف به قبل علم المكلف بالحال؟ فتلك الشرائط شرائط في الحقيقة لوجوب الفعل على القول المذكور أيضا لكن لا مطلقا، بل مع علم المأمور أيضا على القول بامتناع الأمر حينئذ، كما هو الحال، كما حكي (1) الاتفاق عليه، وإلا فليست شرائط للوجوب مطلقا، فليس المأخوذ في المسألة شروط الوجوب مطلقا حتى يتوهم التدافع في العنوان، بل المعتبر فيها شروط الوجود على الوجه الذي قررناه.
ويتفرع عليه كونها شروطا في الوجوب أيضا مع علم المأمور حسب ما ذكر، فالخلاف حينئذ في كونها شروطا للوجوب مع علم الآمر أيضا أولا حسب ما قررناه، وحينئذ يمكن فرض انتفاء الشرط وتعلق الأمر في زمان واحد، كما إذا كانت المرأة حائضا بحسب الواقع وكانت جاهلة بحيضها، فعلى القول المذكور يصح توجيه الأمر، ولم يكن ما تأتي به مطلوبا للشرع، فهي غير قادرة واقعا بأداء الصوم المطلوب، لكنها قادرة في اعتقادها ومكلفة حينئذ بالصوم واقعا وإن لم تتمكن من أدائها، وتظهر الثمرة حينئذ في عصيانها لأمر الصوم لو أفطرت حينئذ متعمدة، لمخالفة إفطارها التكليف المفروض وصدق العصيان به، وإن كانت مفطرة بحسب الواقع بخروج الحيض فإن المفروض أن خروجه لا يقتضي سقوط تكليفها بالصوم، وبقاء التكليف كاف في صدق العصيان والمخالفة بتعمد ذلك، لكن لا تثبت الكفارة لو تعلقت بمن أفطر متعمدا كما توهم، حسب ما يأتي الإشارة إليه إن شاء الله.
وقد يجري ما قلناه بالنسبة إلى بعض الشروط الاختيارية إذا كانت شرطا