البعد، كما عرفت، فليس الحال في مدلولها إلا ما هو الحال في أداة الحصر والاستثناء والشرط، فكأن المتكلم حصر الحكم فيما قبل الغاية، أو استثنى عنه حكم ما بعدها، أو جعله شرطا فيه.
ألا ترى أن من قال في الاستثناء والشرط: بأن الغرض إثبات الحكم في مورد الشرط، وما عدا المستثنى نظرا إلى اقتضاء المصلحة في أن يعلم بثبوت ذلك الحكم بهذا النص مع السكوت عن غيرهما ليعلم ثبوته فيه بدليل آخر كان حقيقا بالإعراض عنه حريا بالسكوت عن جوابه فكذلك الحال في الغاية الصريحة في انتهاء المغيا بها فينتفي فيما بعدها؟ وأين ذلك من الوصف؟! فليس التفرقة بينهما بمجرد الدعوى، بل ينبغي التسوية بينها وبين الاستثناء. فلو قيل: إن من فرق بين تقييد الحكم بالغاية والاستثناء فقد فرق بين المتساويين في أصل الدلالة، وليس معه إلا الدعوى كان أقرب مما أفاده السيد (رحمه الله).
قوله: * (إذ لا ينفك تصور الصوم المقيد بكون آخره الليل) *.
هذا هو الوجه في إثبات الدلالة الالتزامية باللزوم البين، ولا ينافي ذلك ما مر عنه من أنه لو فرض ثبوت الوجوب في الليل لزم خلاف المنطوق، لوضوح أن انتفاء اللازم يوجب انتفاء الملزوم، ولأجله يلزم ما ذكر، كما مر بيانه، فالملزوم هو المعنى المدلول عليه بالمنطوق، والمفهوم مدلول التزامي له، فيكون ناشئا من وضع الأداة لما يفيد معنى الغاية والنهاية، وأين ذلك من الوصف؟!
واعترض بمنع اللزوم الذهني، بل الخارجي أيضا، إذ لا مانع من ورود خطاب فيما بعد الغاية بمثل الحكم السابق إجماعا.
وأجيب تارة: بأن إمكان ذلك لا ينافي ما ذكر من اللزوم، إنما يكون إذا قرينة على عدم إرادة حقيقة الغاية من اللفظ الموضوع لها، ولو صرح بأن المراد منه وحقيقتها كان ذلك نسخا عند من يجوز النسخ في مثله، ومن لا يجوزه يدعي استحالة وقوع هذا المفروض.
وأخرى: بأن الحكم المستند إلى الخطاب الأول مغاير للحكم المستند إلى الخطاب الثاني، وإن ماثله فهو موجود حال عدم الأول.