انتفاء الحكم في غيره، سواء كان موصوفا بالوصف المفروض أو بضده، فلا مجال لتوهم الدلالة على انتفاء الحكم بانتفاء الوصف المفروض في سائر الأجناس، إذ المفهوم إنما يتبع المنطوق، ومحصله انتفاء الحكم المذكور فيه عن موضوعه بانتفاء وصفه.
وربما يسبق إلى بعض الأوهام أن تعليق وجوب الزكاة على سائمة الغنم يقتضي نفي الزكاة عن المعلوفة في جميع الأجناس، وحكى الرازي عن بعض الفقهاء من أصحابه القول بذلك، معللا بأن السوم يجري مجرى العلة في وجوب الزكاة، فيلزم من انتفاء العلة انتفاء الحكم، وهو وهم فاحش، إذ فساده يلحق بالضروريات، بل العلة سوم الغنم دون مطلق السوم، إذ لم يتعرض فيه لحكم سائر الأجناس بنفي ولا إثبات. ومن البين أن النفي في ذلك تابع للإثبات، وهو من الوضوح بمكان.
الرابع: أنه قال العلامة: الوصفان المتضادان إذا علق الحكم على أحدهما اقتضى نفيه عن الآخر عند القائل بدليل الخطاب، وهل يقتضي نفيه عن النقيض؟ إشكال.
وأنت خبير بأن مقتضى المفهوم انتفاء الحكم بانتفاء الوصف على نفي انتفائه بانتفاء علته، سواء تحقق هناك ضد الوصف المفروض أو لا، فمع الشك في حصول الوصف المفروض يصح نفيه بالأصل فيبنى على انتفاء الحكم فيه، فتأمل.
الخامس: أنه ذهب بعضهم إلى أن مفهوم الوصف على القول به يخالف المنطوق في الكلية والجزئية، فإذا قلت: " كل غنم سائمة فيها الزكاة " كان مفهومه ليس كل غنم معلوفة كذلك. وإن قلت: " بعض السائمة فيها الزكاة " كان مفهومه لا شئ من المعلوفة كذلك.
ويظهر من بعضهم خلاف ذلك، حيث قال: مفهوم قولنا: " كل حيوان مأكول اللحم يتوضأ من سؤره ويشرب " أنه لا شئ مما لا يؤكل لحمه كذلك. وقد تقدم في مفهوم الشرط ما يغني عن إطالة الكلام في ذلك.
* * *