ويؤيده: ملاحظة الحال في عدة من الأمثلة التي ذكروها في بيان المسألة والاحتجاج عليها، كتمثيل البصري بحديث التحالف والشاهدين، واحتجاج بعضهم بما جاء في تقييد الاستغفار بالسبعين في الآية الشريفة، وبقوله (عليه السلام): " الماء من الماء " حيث جعلوه منسوخا بحديث التقاء الختانين، وتمسك ابن عباس بقوله تعالى: * (ليس له ولد) * (1) إلى غير ذلك.
والظاهر من كلمات أكثر القائلين بمفهوم الوصف الفرق بين الأوصاف وغيرها من القيود، ففي التقييد بالوصف عندهم خصوصية أخرى قاضية بالدلالة على ذلك، فكأن المعول عليه عندهم دعوى ظهور التعليق على الوصف في إناطة الحكم به القاضية بانتفائه عند انتفائه، ولذا لم يفرقوا في ذلك بين الوصف الواقع قيدا في الكلام أو موضوعا للحكم مستقلا كما مر التنبيه عليه.
فالنسبة بين مقتضى التعليلين المذكورين من قبيل العموم من وجه، لتحقق الأول في التقييد بغير الوصف، والثاني في غير القيود. والحق ما عرفت من أن في كل من الأمرين إشعارا لا يبلغ بمجرده حد الدلالة المعتبرة إلا إذا انضم إليه من خصوصيات المقام ما يفيد ذلك المعنى ويدل عليه بحسب العرف، كما في القيود والأوصاف الواقعة في مقام البيان، وفي مقام العمل الظاهر في الحصر، أو حيث يحصل الظن المعتبر بانحصار فائدتها في ذلك، أو عند ظهور عدم تعلق الغرض بسائر الفوائد المتصورة.
الثاني: أنه ذكر جماعة من العامة: أن مفهوم المشتق الدال على الجنس مثل قوله (عليه السلام): " لا تبيعوا الطعام بالطعام " راجع إلى مفهوم الصفة، معللين بأن المراد بها ما هو أعم من النعت النحوي، قاله التفتازاني والباغنوني، وعده العلامة والآمدي قريبا من اللقب، وكان الغرض من ذلك جهة اشتقاقه من الطعم الراجع إلى الوصف، أي المطعوم دون اشتقاق المزيد من المجرد وإن لم يفد معنى الوصفية كما يظهر