أمكن المنع من التعويل عليه، إذ الظن المطلق لا عبرة به في إثبات العلية. ودعوى رجوعه إلى الظن الحاصل من الألفاظ فيندرج في الظنون المخصوصة محل منع، للفرق بين ظهور اللفظ في المعنى المقصود منه ولو بالتبع بحيث يعد مدلولا له عرفا، وحصول الظن بأمر آخر خارج عن مدلول الكلام، لاندراج الأول في مداليل الألفاظ المعتبرة في جميع اللغات، ورجوع الثاني إلى مطلق الظن وإن كان للفظ مدخلية في حصوله.
ومن المعلوم أن كون الوصف علة للحكم أمر خارج عن مدلول الكلام، وإنما استفيد ذلك من مجرد المناسبة فيندرج في العلة المستنبطة، إلا أن يدعى الاجماع على حجية الظن بالمراد من اللفظ بقول مطلق، كما يظهر من بعضهم. ثم إن في مفهوم العلة كلاما تأتي الإشارة إليه إن شاء الله تعالى.
ومنها: التفصيل بين الأوقاف والوصايا والنذور والأيمان ونحوها، فيعتبر مفهوم الوصف في أمثال تلك المقامات وغير ذلك فلا يعتبر، يظهر القول به من كلام شيخنا الشهيد الثاني (رحمه الله) حيث قال في مفهومي الشرط والوصف: إنه لا إشكال في دلالتهما في مثل ما ذكر، كما إذا قال: وقفت هذا على أولادي الفقراء أو إن كانوا فقراء، أو نحو ذلك.
ويرد عليه: أن إثبات المفهوم في تلك الموارد إنما هو لاختصاص الانشاء بالموصوف بالوصف المفروض فينتفي في غيره، إذ ليس للكلام الانشائي خارج يطابقه أو لا يطابقه، وإنما يوجد مدلوله بنفس هذا الانشاء المخصوص فإذا اختص مورده بالقيد المخصوص انتفى عن غيره، وهذا بخلاف تعليق الحكم الشرعي على الوصف لكونه أمرا واقعيا ثابتا في نفس الأمر، والكلام مسوق لبيانه فيجري فيه الخلاف. فما ذكر من الأمثلة خارج عن محل المسألة.
ويشهد بذلك: أنه لو قيد شيئا من ذلك بالألقاب قطعنا بانتفائه في غيرها، كما لو وقف على زيد، أو على المسجد، أو أوصى لعمرو، أو وكله، أو باع داره. أو قيد سائر العقود والإيقاعات ببعض الألقاب إلى غير ذلك فإنه لا يشك في انتفائها