تثبت خلافه من الخارج، على ما هو الحال في الحدود والتعريفات المذكورة في العلوم، للزوم اطرادها وانعكاسها، بخلاف الثاني فإن الغرض منه وروده في مقام التعليم وإعطاء القاعدة ابتداء من غير أن يكون مسبوقا بوروده مجملا، أو مع قطع النظر عنه، فيدل على اعتبار كل واحد من القيود المأخوذة فيه في الحكم، إذ لا يتم التعليم وبيان القاعدة إلا بذلك، وتلك الخصوصية قد تظهر من وروده عقيب السؤال عن مطلق الحكم، لضرورة تطابق الجواب والسؤال، وقد يظهر من قرائن الأحوال.
الثالث: أن ما ذكر في القسمين على إطلاقه غير ظاهر، فإن الكلام كما قد يقع مسوقا لبيان تمام الحكم المجعول في جميع موارده فيدل على انتفائه بانتفاء كل من القيود المأخوذة فيه وصفا كان أو لقبا أو غيرهما كذا قد يكون مسوقا لبيان ثبوت الحكم في المقام المخصوص، نظرا إلى تعلق الغرض ببيانه دون غيره، أو لحصول مانع من بيان الحكم في غيره، فلا يدل انتفاء القيد المأخوذ في الكلام بمجرده على انتفاء الحكم في سائر الموارد وإن كان من الأوصاف، إلا على القول باعتبار مفهوم الوصف، وقد يشك في ذلك فلا يمكن الاستدلال بوروده في مقام البيان بعد قيام الاحتمال.
وفيه: أن الغرض من ورود الكلام في مورد التعليم والبيان ليس على ما ذكر، كيف! وهذا المعنى حاصل في مطلق الكلام، لوضوح أن المتكلم الشاعر إنما يريد بكلامه إفادة المعنى المقصود كائنا ما كان، فكيف يعقل ورود الكلام في غير مورد البيان؟ وإنما يعقل التفرقة بذلك في الأفعال.
بل الغرض من التفصيل المذكور: أن التعليق على الوصف أو غيره قد يكون في مقام البيان وإعطاء القاعدة، فلا بد من إناطة الحكم به، وقد يقع لغيره من الفوائد، كتعلق الحاجة به، أو وقوع السؤال عنه، فإن الجواب وإن كان تعليما لحكمة لا محالة إلا أن التعليق المفروض ليس لبيان الحكم لعدم ارتباطه به وعدم مدخليته فيه وإنما جئ به لبيان محل الحاجة أو لغيره من الفوائد الخارجة