رابعها: القول بالوقف، فلا يدري أهو للفور أو لا؟ ذهب إليه جماعة من العامة وعزاه في النهاية إلى السيد، وكلامه في الذريعة يأبى عنه، وهم فريقان:
أحدهما: من يقطع بحصول الامتثال بالمبادرة ويتوقف في جواز التأخير وخروجه حينئذ عن عهدة التكليف، وهو الذي اختاره إمام الحرمين حاكيا له عن المقتصدين في الوقف.
ثانيهما: من يتوقف في حصول الامتثال بالمبادرة أيضا، وهم الغلاة في الوقف.
خامسها: القول بالاشتراك اللفظي بين الفور والتراخي، وعزى المصنف وغيره ذلك إلى السيد، واحتجاجه في الذريعة باستعماله في الفور والتراخي وظهور الاستعمال في الحقيقة يشير إليه إلا أن كلامه في تحرير المذهب صريح في اختياره القول بالطبيعة.
ويمكن حمل احتجاجه بما ذكر على أن طلب ترك الطبيعة على سبيل الفور أو التراخي نحوان من الطلب، وعلى القول بوضعه لمطلق الطلب يكون كل من الإطلاقين حقيقة، فيوافق أصالة الحقيقة، بخلاف ما لو قيل بوضعه لخصوص أحدهما، فالمقصود إذن بيان أصالة الحقيقة في كل من الإطلاقين حسب ما ذكرنا لا فيما إذا استعمل في خصوص كل من الأمرين، فإن ذلك غير معلوم، ولا مفهوم من كلامه، فلا يكون ما ذهب إليه قولا خامسا إلا أنه ذهب إلى حمل أوامر الشرع على الفور كحملها على الوجوب، نص عليه في بحث دلالة الأمر على الوجوب أو غيره، وظاهره كونه حقيقة شرعا في خصوص الفور فيكون إذا مذهبا آخر إلا أنه يندرج إذن في جملة أقوال القائلين بالفور حسب ما ذكرنا، فيرتقي الأقوال في المسألة إلى خمسة عشر قولا وبملاحظة الوجوه المحتملة فيها يحتمل الزيادة على ذلك بكثير.
بقي الكلام في الثمرة بين الأقوال المذكورة فنقول: إن الثمرة بين القول بالفور والتراخي ظاهرة، وكذا بينه وبين القول بالطبيعة، وبينه وبين القول بالوقف