على الوجه الأول، إن قلنا بكون كل من الفور والطبيعة مطلوبا مستقلا لا يسقط طلب الطبيعة بسقوطه وإلا فلا يبعد القول بلزوم الفور على القول المذكور تحصيلا ليقين الفراغ بعد اليقين بالاشتغال، ويحتمل دفع احتمال وجوب الفور حينئذ بالأصل، إلا أنه خلاف التحقيق بعد إجمال اللفظ والشك في المكلف به وعلى الوجه الثاني فالظاهر وجوب الإتيان به على الوجهين، تحصيلا لليقين بالفراغ بعد اليقين بالاشتغال.
هذا إذا أمكن تكرار الفعل وإلا تخير بين الوجهين وبما قررنا يظهر الفرق بينه وبين القول بالاشتراك اللفظي أيضا إن ثبت القول به.
وأما الثمرة بين القول بجواز التراخي والقول بالطبيعة فقد يقرر فيما إذا أخر الفعل عن أول الأزمنة ومات فجأة أو لم يتمكن من الإتيان به بعده، فعلى القول بالتراخي لا عقاب لترتب الترك حينئذ على إذن الآمر وعلى القول بالطبيعة يستحق العقوبة، لتفويته المأمور به عمدا وإن كان ذلك من جهة ظنه الأداء في الآخر، فإن ذلك الظن إنما يثمر مع أداء الواجب وأما مع عدمه فهو تارك للمأمور به، وقضية وجوبه ترتب استحقاق العقوبة على تركه. وهذا هو الذي ذهب إليه الحاجبي واختاره بعض محققي مشايخنا (قدس سره).
ويشكل ذلك بأن جواز التأخير حينئذ وإن كان بحكم العقل إلا أن حكم العقل يطابق حكم الشرع فيثبت جواز التأخير في الشرع أيضا، فلا فرق بينه وبين الوجه الأول. وهذا هو الأظهر، إذ أقصى الفرق بين الوجهين تنصيص الشارع في الأول بجواز التأخير وعدمه هنا، لكن بعد حكم العقل بجوازه وقيامه دليلا على حكم الشرع يثبت الجواز في المقام بحكم الشرع أيضا، والفرق بين التجويزين مما لا وجه له.
وقد يقرر الثمرة بين القولين بوجه آخر، وذلك أنه على القول بالتراخي يجوز التأخير ما لم يظن الفوات به، وأما على القول بالطبيعة فإنما يجوز التأخير مع ظن التمكن من أدائه في الآخر، وأما مع الشك فيه فلا، إذ المفروض إيجاد الطبيعة