فإذا شك المكلف في تفريغ ذمته مع التأخير لم يجز الإقدام عليه، إذ قضية حصول الاشتغال هو تحصيل الفراغ ولا اطمينان إذن بحصوله، فلا يجوز له إلا الاشتغال به، إذ لا أقل في حكم العقل بجواز التأخير من الظن بأداء الواجب معه.
وفيه أيضا تأمل.
والثمرة بين القول بالتراخي والقول بالوقف على مذهب أهل الاقتصاد ظاهرة، بناء على الوجه الثاني منه، للزوم الفور على ذلك القول على المختار حسب ما أشرنا إليه، وعلى الوجه الأول فالحال فيه على نحو ما ذكر في الثمرة بينه وبين القول بالطبيعة، وعلى قول أهل الغلو، فالثمرة أيضا ظاهرة على ما مر.
ومما ذكرنا يظهر الحال في الثمرة بينه وبين القول بالاشتراك اللفظي إن ثبت القول به، وكذا بين القول بالطبيعة والقول بالوقف أو الاشتراك وبين قولي الوقف وبين كل منهما والقول بالاشتراك، كما لا يخفى على المتأمل فيما قررناه.
قوله: * (وأيهما حصل كان مجزئا) *.
يعني: من دون عصيان للأمر المذكور، نظرا إلى الإتيان بمقتضاه، ولا ينافي ذلك حصول العصيان بالتأخير من جهة أخرى فيما إذا دل العقل على وجوب المبادرة أو حكم به العرف، كما إذا حصل له ظن الوفاة فأخره ثم أخطأ ظنه.
قوله: * (لنا نظير ما تقدم في التكرار) *.
ما مر من الكلام هناك جار في المقام فلا حاجة إلى إعادته.
وقد يورد في المقام بأن القول بكون الأمر موضوعا لمطلق طلب الفعل من غير دلالة على الفور ولا التراخي لا يوافق ما تقرر عند النحاة من دلالة الفعل على أحد الأزمنة الثلاثة، وقد جعلوه مايزا بين الأسماء والأفعال، فكيف يقال بخروج الزمان عن مدلوله على نحو المكان حسب ما ذكره المصنف وغيره في المقام؟
ويمكن الجواب عنه بوجوه:
أحدها: أن ما ذكر في حد الفعل إنما هو بالنسبة إلى أصل وضع الأفعال وإلا فقد يكون الفعل منسلخا عن الدلالة على الزمان، كما هو الحال في الأفعال