فيه على خصوص إيقاعه في أوائله - أعني الفور - أو مع تجويز تأخيره إلى ما بعده من الأزمنة كما هو مفاد التراخي. فالمدعى عدم دلالته على خصوصية الأمرين وإن دل على إرادة الاستقبال الجامع بينهما.
وفيه: أنه لا يوافق ما ذكره علماء العربية من كون مدلول الأمر هو الحال، والإغماض عما ذكروه مما لا وجه له سيما بعد حكاية اتفاقهم عليه، مضافا إلى ما فيه مما سنقرره إن شاء الله تعالى.
رابعها: - وهو المختار عندنا - أن مفاد الأمر هو الحال حسب ما نص عليه علماء العربية، وليس الحال فيه قيدا للحدث المطلوب، بل ظرف للطلب الواقع فيه على ما هو شأن الزمان المأخوذ في الأفعال.
وتحقيق المقام: أن الزمان المأخوذ في الأفعال معنى حرفي يؤخذ ظرفا للنسبة الحرفية المأخوذة في الأفعال، ألا ترى أن " ضرب " في قولك: " ضرب زيد " له معنيان: أحدهما تام، وهو معناه الحدثي، والآخر ناقص حرفي، وهو معناه الهيئي، وهو نسبة ذلك الحدث إلى فاعل ما في الزمان الماضي، ويتم ذلك بفاعله المذكور إذ النسبة لا متحصل إلا بمنتسبيها، فيفيد في المثال نسبة الضرب إلى زيد نسبة خبرية حاصلة في الزمان الماضي، كما أن " يضرب " أيضا كذلك إلا أن الملحوظ فيه زمان الاستقبال وللنسبة المذكورة جهتان:
إحداهما: من حيث صدورها عن المتكلم وربطه بين المعنيين، أعني: المعنى الحدثي والفاعل المذكور بعده.
وثانيتهما: جهة كونها حكاية عن نسبة واقعية وارتباطها بين ذلك الحدث والفاعل الخاص، وبملاحظة الاعتبار الأول يصح لك أن تقول: إن ذلك المتكلم أسند الضرب إلى زيد وبملاحظة الثاني يصح أن يقال: إنه حكى النسبة الواقعية والربط الواقع بين ذلك الحدث وزيد.
والجهة الثانية مناط كون النسبة خبرية، فإن ما يحكيه من النسبة إما أن يكون مطابقا لما هو الواقع أو لا، فيكون صدقا أو كذبا.