ثالثها: التفصيل بين العلة وغيرها فيفيد التكرار في الأول من جهة العلية دون غيره وحكى القول به من جماعة من العامة والخاصة، منهم الشيخ والسيدان والديلمي والفاضلان وفخر المحققين وشيخنا البهائي والآمدي والحاجبي والرازي والبيضاوي وعزاه بعضهم إلى المحققين.
والنزاع في المقام إما في وضع الصيغة حينئذ حتى يقال بحصول وضع خاص لها عند تعليقها على الشرط أو الصفة أو من جهة استفادة ذلك من التعليق إما لقضاء وضعها التركيبي بذلك أو لكون التعليق ظاهرا فيه من جهة إفادته الإناطة بين الشرط والجزاء والاقتران بينهما. والمختار عندنا هو القول بالتفصيل.
وتوضيح المقام أن يقال: إنه إن كان الشرط مشتملا على أداة العموم كقولك:
" كلما جاءك زيد فأكرمه " فلا إشكال في إفادته التكرار، قال بعض الأفاضل: إنه مما لم يختلف فيه اثنان وهو واضح، نعم من أنكر وضع لفظ للعموم ربما ينكر ذلك.
هذا إذا كان عموما استغراقيا وأما لو كان بدليا كما في قولك: " أي وقت جاءك فأكرمه " لم يكن الحال فيه على ما ذكر وكان دلالته على التكرار محل نظر.
ومنه " متى " كما في قولك: " متى جاءك زيد فأكرمه " ويظهر من بعض أساطين اللغة إنكار دلالته على التكرار، لوقوعه موقع " إن " وهي لا تقتضيه، ولكونه ظرفا لا يقتضي التكرار في الاستفهام فلا يقتضيه في الشرط.
وعن بعض النحاة: أنه إن زيد عليه " ما " كانت للتكرار نحو: " متى ما جاءك فأكرمه " وأورد عليه: أن " ما " الزائدة لا يفيد غير التوكيد. ويرده ملاحظة العرف، فإن المنساق منه عرفا هو العموم، بل وكذا مع الخلوص عن " ما " الزائدة، نعم هو مع " ما " أظهر في ذلك جدا.
وإن خلا عن أداة العموم فإن كان المعلق عليه علة في ثبوت الحكم أفاد تكرره بتكررها، إذ هو المنساق منه عرفا. وكون العلل الشرعية معرفات لا يمنع منه، فإن المتبع فهم العرف، وفهم التكرار حينئذ إما من جهة السببية، حيث إن تكرر السبب قاض بتكرر المسبب، أو من جهة التعليق والسببية معا، وكأن الثاني