طلب السقي إنما يكون عند الحاجة إليه عاجلا، ومحل النزاع ما تكون الصيغة فيه مجردة.
الثاني: أنه تعالى ذم إبليس لعنه الله، على ترك السجود لآدم (عليه السلام)، بقوله سبحانه: * (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) * ولو لم يكن الأمر للفور لم يتوجه عليه الذم، ولكان له أن يقول: إنك لم تأمرني بالبدار، وسوف أسجد.
والجواب: أن الذم باعتبار كون الأمر مقيدا بوقت معين. ولم يأت بالفعل فيه. والدليل على التقييد قوله تعالى: * (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) *.
الثالث: أنه لو شرع التأخير لوجب أن يكون إلى وقت معين، واللازم منتف. أما الملازمة، فلأنه لولاه لكان إلى آخر أزمنة الإمكان اتفاقا، ولا يستقيم، لأنه غير معلوم، والجهل به يستلزم التكليف بالمحال، إذ يجب على المكلف حينئذ أن لا يؤخر الفعل عن وفته، مع أنه لا يعلم ذلك الوقت الذي كلف بالمنع عن التأخير عنه. وأما انتفاء اللازم فلأنه ليس في الأمر إشعار بتعيين الوقت، ولا عليه دليل من خارج.
والجواب: من وجهين: أحدهما - النقض بما لو صرح بجواز التأخير، إذ لا نزاع في إمكانه. وثانيهما - أنه إنما يلزم تكليف المحال لو كان التأخير متعينا، إذ يجب حينئذ تعريف الوقت الذي يؤخر إليه. وأما إذا كان ذلك جائزا فلا، لتمكنه من الامتثال بالمبادرة، فلا يلزم التكليف بالمحال.
الرابع: قوله تعالى: * (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) * فإن المراد بالمغفرة سببها، وهو فعل المأمور به، لا حقيقتها، لأنها فعل الله سبحانه،