ومنها: أنه لو كان للتكرار لكان قولك: " صل مرارا " لغوا خاليا عن الفائدة وكان قولك: " صل مرة واحدة " تناقضا. ووهنه ظاهر، إذ لو تم ما ذكر فلا يثبت بذلك وضع الأمر للمرة غاية الأمر أن لا يكون موضوعا للتكرار فيوافق القول بوضعه لطلب الطبيعة.
ومنها: أنه لو كان للتكرار لاستلزم أن يكون الأمر بكل عبادة ناسخا لما تقدمه إذا كانت مضادة للأول، نظرا إلى أن الثاني يقتضي استيعاب الأوقات كالأول ويدفعه - بعد ما عرفت من عدم دفعه القول بالطبيعة - أن القائل بالتكرار لا يقول به إلا على حسب الإمكان العقلي والشرعي والعادي فمع وجود واجب آخر إنما يكرران على وجه لا يزاحم أحدهما الآخر.
ومنها: أنه لو كان للتكرار لكان الأمر بعبادتين مختلفتين لا يمكن الجمع بينهما، إما لكونه تكليفا بما لا يطاق أو يكون الأمر بكل منهما متناقضا للأمر بالأخرى. ووهنه ظاهر مما عرفت فلا حاجة إلى إعادته.
تتميم: اختلف القائلون بعدم إفادة الأمر للتكرار في الأمر المعلق على شرط أو صفة هل يفيد تكرره بتكرر الشرط أو الصفة أو لا، على أقوال:
أحدها: القول بإفادته ذلك مطلقا حكي القول به عن جماعة.
ثانيها: عدم إفادته التكرار كذلك، وعزي القول به إلى بعضهم، وربما يحكى ذلك عن السيد لإطلاقه القول أولا بنفي اقتضائه للتكرار إلا أنه نص في أثناء الكلام في الأدلة بأن الشرط قد يصير مع كونه شرطا علة، فيتكرر من حيث إنه كان علة لا من حيث إنه كان شرطا ويعزى إلى الآمدي - مع حكايته الاتفاق والإجماع على إفادته التكرار في العلة - أنه قال: والأصوليون من الحنفية قالوا:
إن الأمر المطلق يفيد المرة ولا يدل على التكرار وإذا علق بالعلة لم يجب تكرار الفعل بتكرر العلة، بل لو وجب تكرره كان مستفادا من دليل آخر. والعضدي مع حكايته الاتفاق فيها أيضا ذكر احتجاج المنكرين للتكرار في العلة، فظهر بذلك أن هناك جماعة ينكرون إفادته التكرار في المعلق على العلة أيضا.