البناء على امتناعه. وما يتراءى من جواز اجتماع الاستحباب النفسي والوجوب الغيري - كما في الوضوء وغسل الجنابة - ليس على ما ينبغي، إذ ليس ذلك من اجتماع الوجوب والاستحباب في شئ، إذ لا يتصف الوضوء أو الغسل في زمان واحد بالوصفين المذكورين، إذ الحكم الثابت لكل منهما بعد وجوب (1) المشروط به هو الوجوب دون الندب.
نعم، يجتمع هناك جهتا الندب النفسي والوجوب الغيري، ولا مانع منه، كما أنه لا مانع من اجتماع جهتي الوجوب والندب الغيريين، فمفاد استحبابه النفسي أنه مندوب في ملاحظة نفسه وإن كان واجبا مترقيا رجحانه عن مقام الندب إلى الوجوب بملاحظة غيره، وثبوت شئ لشئ في مرتبة أو نفيه عنه كذلك لا يستلزم ثبوته أو نفيه عنه بحسب الواقع، ولذا تقرر عندهم جواز اجتماع النقيضين في المرتبة، ومن ذلك يعلم جواز اجتماع جهتي الوجوب والندب النفسيين أيضا.
ألا ترى أنه لو نذر أداء نافلة كانت تلك النافلة مندوبة بملاحظة ذاتها، فإنها لا تقتضي زيادة على ذلك واجبة من جهة تعلق النذر بها، وهي حينئذ غير متصفة فعلا بالوصفين المذكورين، بل الوصف الحاصل لها حينئذ هو الوجوب لا غير، ولا يجري نحو ما ذكر في المقام حتى يقال هنا أيضا باجتماع الجهتين وإن كان الحكم تابعا لأقواهما. ولو سلم جريانه في المقام فقد عرفت أنه ليس ذلك من اجتماع الحكمين أصلا، والكلام هنا إنما هو في اجتماع الحكمين دون الجهتين، إذ قد عرفت أنه لا مجال لتوهم الإشكال بالنسبة إليه.
وإن أريد بذلك جواز اجتماع الوجوب التخييري والندب بغير معناه المصطلح - أعني ما يكون فعله راجحا بالنسبة إلى فعل غيره رجحانا غير مانع من النقيض، نظير ما اعتبر في مكروه العبادة من مرجوحية فعلها بالنسبة إلى فعل غيرها، كما قد يومئ إليه قوله بكون استحبابه إضافيا بالنسبة إلى غيره - فلا مجال لتخيل