ثالثها: أنه إذا أتى بما يزيد على الواحد: فإن أتى به تدريجا فلا إشكال في صحة الأول وحصول الاجزاء به، وكان إتيانه بالثاني على وجه امتثال الأمر المفروض بدعة محرمة كما مر بيانه، وعلى غير تلك الجهة لا مانع منه، كما إذا ثبت هناك رجحان لذلك الفعل من الخارج، أو لم يكن الرجحان ملحوظا فيه إذا لم يكن من العبادات.
وأما إذا أتى بها دفعة: فإن كان إتيانه بالزائد سائغا مشروعا فلا إشكال ظاهرا في الصحة وحصول الامتثال، وبكون الواجب حينئذ أحدها الدائر بينها على سبيل البدلية.
فإن قلت: إن نسبة أحدها على الوجه المفروض إلى كل واحد منها على وجه واحد، فأما أن يجب الكل ويكون كل منها أداء للواجب وقد عرفت فساده. وإما أن لا يجب الكل فالواجب منها حينئذ: إما واحد معين ولا وجه له أيضا، لانتفاء المرجح للتعيين وبطلان الترجيح بلا مرجح. أو واحد غير معين، وهو غير ممكن أيضا، لوضوح عدم اتصاف غير المعين بالوجوب مع سلبه عن كل واحد واحد بالخصوص، فكيف يصح القول باتصاف أحدها بالوجوب مع بطلان الوجوه الثلاثة.
قلت: قد اختار بعضهم في المقام حصول الامتثال بأكثرها ثوابا، حيث حكم باستحقاقه ثواب أعلاها وأكثرها ثوابا. واختاره السيد في الذريعة.
وقال الشيخ في العدة بعد ما حكم بعدم لزوم بيان ذلك: إن ما يعلمه الله أنه لا يتغير عن كونه واجبا إذا فعله مع غيره يثيبه عليه ثواب الواجب واستحق العقاب بترك ذلك بعينه، ومحصله كون المثاب عليه والمعاقب عليه متعينا حينئذ في الواقع، وفي علمه تعالى، غير معين عندنا، فيكون الواجب المبرئ للذمة أيضا كذلك.
وهو غريب بعد اختياره وجوب الجميع وقوله بعدم الفرق بين تلك الأفعال في الوجوب والمصلحة القاضية به.