والحق تساوي جميع أجزاء الوقت في الوجوب، بمعنى أن للمكلف الإتيان به في أول الوقت، ووسطه، وآخره، وفي أي جزء اتفق إيقاعه كان واجبا بالأصالة، من غير فرق بين بقائه على صفة التكليف، وعدمه. ففي الحقيقة يكون راجعا إلى الواجب المخير.
وهل يجب البدل؟ وهو العزم على أداء الفعل في ثاني الحال، إذا أخره عن أول الوقت ووسطه. قال السيد المرتضى: نعم. واختاره الشيخ (رحمه الله) على ما حكاه المحقق عنه، وتبعهما السيد أبو المكارم ابن زهرة، والقاضي سعد الدين بن البراج، وجماعة من المعتزلة.
والأكثرون على عدم الوجوب، ومنهم المحقق والعلامة (رحمهما الله) وهو الأقرب.
فيحصل مما اخترناه في المقام دعويان.
لنا على الأولى منهما: أن الوجوب مستفاد من الأمر، وهو مقيد بجميع الوقت. لأن الكلام فيما هو كذلك. وليس المراد تطبيق أجزاء الفعل على أجزاء الوقت، بأن يكون الجزء الأول من الفعل منطبقا على الجزء الأول من الوقت، والأخير على الأخير، فإن ذلك باطل إجماعا. ولا تكراره في أجزائه، بأن يأتي بالفعل في كل جزء يسعه من أجزاء الوقت. وليس في الأمر تعرض لتخصيصه بأول الوقت أو آخره ولا بجزء من أجزائه المعينة قطعا، بل ظاهره ينفي التخصيص ضرورة دلالته على تساوي نسبة الفعل إلى أجزاء الوقت. فيكون القول بالتخصيص بالأول أو الآخر تحكما باطلا. وتعين القول بوجوبه على التخيير في أجزاء الوقت. ففي أي جزء أداه فقد أداه في وقته.
وأيضا: لو كان الوجوب مختصا بجزء معين، فإن كان آخر الوقت، كان المصلي للظهر مثلا في غيره مقدما لصلاته على الوقت، فلا تصح،