حسب ما ذكر في الواجب المخير، فيحرم الجميع، إذ لو دخل شئ منها في الوجود دخل القدر المشترك فيه، والمفروض حرمته.
وأورد عليه بالتحريم المتعلق بالأختين والأم والبنت، فإنه إنما نهي عن الترويج بأحدهما على الوجه المذكور، لا بهما، ولا بواحد معين منهما.
وأجيب عنه: بأن التحريم هناك إنما تعلق بالجمع بينهما، فيتحقق امتثاله بترك الجمع الحاصل بترك واحد منهما كيف! ولو تعلق التحريم هناك بالقدر المشترك - أعني مفهوم أحدهما - لحرمتا جميعا، ضرورة استلزام وجود الأخص وجود الأعم، إذ لا يعقل تحقق فرد من نوع وحصول جزئي من كلي من دون تحقق ذلك النوع وحصول ذلك الكلي المشترك. وظاهر الشهيد اختيار ذلك.
والذي يقتضيه التدبر في المقام أن يقال: إن النهي المتعلق بالطبيعة قد يراد به عدم إدخال تلك الطبيعة في الوجود أصلا، فيكون كالنكرة الواقعة في سياق النفي مفيدا لعموم المنع.
وقد يراد به عدم إدخال تلك الطبيعة في الوجود في الجملة، فيحصل الامتثال بمجرد حصول الترك ولو بتركه في بعض الأفراد، كما هو الحال في الأمر. وسنبين كون استعمال النهي حقيقة على الوجهين وإن كان ظاهر إطلاقه منصرفا إلى الأول وعلى هذا فتعلق النهي بمفهوم أحدهما على الوجه الثاني لا يستلزم إلا حرمة واحد منهما وتحصيل امتثاله بترك أحدهما.
فما ذكر من استلزام تحريم الطبيعة تحريم جميع أفرادها إنما يتم في الصورة الأولى دون غيرها، فإذا تعلق الطلب بترك أحد الفعلين على الوجه الذي ذكرناه كان ترك أي منهما كافيا في تحقق الامتثال، وقضية ذلك حرمة الجمع بين الفعلين المذكورين، لا تحريم كل منهما على وجه التخيير على ما هو الشأن في الواجب، فإن تعلق الوجوب بأحدهما يقتضي وجوب كل منهما على وجه التخيير بينهما حسب ما مر بيانه، بخلاف ما إذا تعلق التحريم بأحدهما فلا مفسدة حينئذ في الإتيان بكل من الفعلين المذكورين لو خلي عن ملاحظة وجود الآخر معه،