بخلاف الواجب المخير لحصول المصلحة في فعل كل منهما مع قطع النظر عن الآخر. غاية الأمر أن تلك المصلحة كما تحصل بفعل أحدهما كذا يحصل بفعل الآخر أيضا، فيكتفي في جلبها بفعل أحدهما، ولا كذلك الحال في المقام، إذ لا مفسدة في فعل أحدهما، وإنما المفسدة في الإتيان بهما.
وبالجملة: أن المفسدة الحاصلة في المقام إما أن تتفرع على خصوص كل من الفعلين، أو خصوص أحدهما، أو مفهوم أحدهما الجامع بينهما، أو الجمع بينهما، لا سبيل إلى شئ من الوجوه الثلاثة الأول، وإلا لكانا محرمين معا، أو اختص التحريم بأحدهما دون الآخر، فتعين الرابع.
فقضية تحريم أحد الفعلين على الوجه المذكور تحريم الجمع بينهما، كما أن قضية وجوب أحدهما وجوب كل منهما على سبيل التخيير بينهما، فإن أراد الجماعة من جواز تعلق التحريم بأحد الشيئين أو الأشياء ما ذكرناه فلا كلام معهم، والظاهر أنه لا مجال لتوهم مانع فيه. وإن أرادوا كون الحرمة المتعلقة بأحدها على نحو الوجوب المتعلق به فهو غير متجه، كما عرفت.
والحاصل: أنه لا ينبغي التأمل في جواز تعلق النهي بأحد الشيئين كما يجوز تعلق الأمر به، إلا أن المحصل من تعلق النهي به هو حرمة الجمع بين ذينك الأمرين، من غير أن يتعلق التحريم بكل واحد منهما، بخلاف ما إذا تعلق الأمر به فإن المتحصل منه هو وجوب كل منهما على سبيل التخيير حسب ما عرفت.
* * *