الظاهر من العبارة المذكورة - فما ذكره حق، وقد عرفت اتحاد مؤدى اللفظين.
وكون الاختلاف بين القولين لفظيا لا يرجع إلى طائل.
وإن أريد به أحد الوجوه المتأخرة فالقول باتحاد مؤدى العبارتين حينئذ واضح الفساد، أو إيجاب واحد لا بعينه على بعض الوجوه المذكورة غير جائز من أصله، لوضوح أن الوجوب أمر معين لا يمكن تعلقه خارجا بالمبهم.
وإن أريد به المعين في الواقع المبهم عند المكلف فهو أيضا غير جائز في الجملة (1) بعد فرض تساوي الفعلين في وجه المصلحة.
ومنها: أنه لو فعل المكلف جميعها لكان الواجب واحدا منها بالإجماع، فكذا يجب أن يكون الواجب أحدها قبل الفعل، إذ لا يختلف الحال في ذلك قبل إيجاد الفعل وبعده.
ويدفعه: أنه إن أريد بالواجب ما لا يجوز تركه بالخصوص فمن البين أنه ليس الواجب كذلك، إلا أحدها بالتفسير الذي ذكرناه، ولا يختلف فيه الحال قبل الفعل وبعده، وهو - كما عرفت - يرجع إلى ما اخترناه.
وإن أريد به ما تعلق به الإيجاب ولا يجوز تركه في الجملة - يعني - ما يعم تركه وترك بدله - فالوجوب بهذا المعنى قائم بكل منها ولا يختلف الحال فيه أيضا على الوجهين.
ودعوى الاجماع على قيام الوجوب بهذا المعنى بأحدها بين الفساد، بل دعوى الاجماع على وجوب أحدها عند الإتيان بالكل دون الجميع محل نظر، كما سيجئ الإشارة إليه. وقد عرفت أيضا في أقوال المسألة وجود القول بالحكم بوجوب الجميع، وحينئذ كأنه لم يلتفت إليه لوهنه.
ومنها: أنه لو ترك الجميع لاستحق العقاب على واحدة منها، فعلم أن الواجب هو أحدها.
ويدفعه: أنه لا دلالة في ذلك على اتحاد الواجب، فإن الواجبات المخير بينها