عنها... إلى غير ذلك مما لا يخفى على المتتبع في أبواب الفقه، وكلها أمور واضحة لا خفاء فيها.
بل لو أريد الاكتفاء بفعل واحد عن أمور متعددة توقف القول به على قيام الدليل عليه من نص أو إجماع وكان ذلك خروجا عن مقتضى اللفظ، فاستقراء تلك المقامات أقوى شاهد على ما ذكرناه.
فإن قلت: إن مادة الأمر إنما وضعت للطبيعة المطلقة حسب ما مر مرارا، فيكون مفاد كل من الأمرين أو الأوامر طلب الطبيعة المطلقة، فمن أين يجئ فهم التقييد المذكور إذا لم ينضم إليها قرينة خارجية؟.
قلت: يمكن استناد ذلك إلى ضم أحد الأمرين إلى الآخر، فإن تعدد الإيجاب ظاهر في تعدد الواجب وتميز كل منهما عن الآخر، ويلزم من ذلك تقييد كل من المطلوبين بما يغاير الآخر، فلا يصح الخروج عن عهدة التكليف به إلا بأدائه كذلك على ما هو الحال في معظم الاستعمالات كما عرفت، ومن البين أن المفهوم من اللفظ بحسب العرف حجة في المقام وإن استند ذلك إلى ضم أحد اللفظين إلى الآخر ولم يكن كل منهما مستقلا في إفادته.
بل لا يبعد القول في المقام باستناد الفهم المذكور إلى خصوص كل من الأمرين، لقضاء كل منهما باستقلاله في إيجاب الطبيعة ووجوب الإتيان بها من جهته، وقضية ذلك تعدد الواجبين المقتضي للزوم الإتيان بهما كذلك حتى يتحقق الفراغ عنهما، فتعدد الواجبين وإن استند إلى تعدد الأمرين لكن ليس ذلك من جهة قضاء الانضمام بفهم معنى زائد على ما يقتضيه ظاهر كل من الأمرين بل هو مستند إلى ما يفهم من كل من اللفظين، غاية الأمر أن يكون تعدد ذلك المعنى مستندا إلى تعدد الأمرين، فتأمل.
ثالثها: أن يتعلق الأمران أو الأوامر بطبيعتين مختلفتين، وحينئذ إن كان المقصود منهما مجرد حصول الطبيعة المطلقة على حسب ما مر في الصورة السابقة اكتفي هنا أيضا في أداء تلك التكاليف بالإتيان بمورد الاجتماع، لصدق حصول