أو أن المراد تداخل مسبباتها بأن تكون تلك الأسباب قاضية بتكاليف عديدة وخطابات متعددة متعلقة بالمكلف والمقصود حينئذ تداخل تلك التكاليف المسببة عن الأسباب المفروضة بمعنى حصولها في ضمن فرد واحد وتأديتها بفعل واحد، فيكون قد أطلق تداخل الأسباب على تداخل المسببات من حيث إن ملاحظة الأسباب إنما هي من جهة المسببات المتفرعة عليها ويكون التأمل في تداخلها من جهة تعدد الأسباب الموجبة لها.
والأظهر أن يراد بالعبارة المذكورة ما يعم الوجهين، فيكون المقصود بها أن تعدد الأسباب هل يقضي بتعدد المسبب في الخارج أو لا؟ فيعم ذلك ما إذا قيل بعدم اقتضائه تعدد التكليف من أصله أو كان مقتضيا لتعدد التكليف، لكن يكون المكلف به حاصلا بفعل واحد، سواء قيل بكون المكلف به واحدا أو متعددا أيضا، لكن يقال بحصوله في ضمن فعل واحد.
والوجه الثاني هو ما قررناه من المسألة المذكورة بعينها، إلا أن المفروض هناك أعم من المفروض هنا حيث إن المفروض هنا تعدد الأوامر مع تعدد الأسباب القاضية بها والمفروض هناك أعم من ذلك.
وأما الأول فملخص القول فيه: إنه إن كان الفعل الذي توارد عليه الأسباب المفروضة غير قابل للتعدد في الخارج فلا إشكال في كون المطلوب هناك فعلا واحدا، سواء ثبت بكل من الأسباب المفروضة تكليف بذلك الفعل فيتأكد الحكم فيه نظرا إلى تعدد جهات ثبوته، أو لم يؤثر في ثبوت الحكم إلا واحد منها.
وإن كان قابلا للتعدد في الخارج فإن ظهر كون الأسباب المفروضة سببا لتكليف واحد فلا إشكال أيضا في عدم الحاجة إلى تكرار المكلف به على حسب تلك الأسباب، كما في الجنايات المتعاقبة الموجبة للتكليف بالغسل والأحداث الصغرى المتواردة الباعثة للتكليف بالوضوء عند وجوب المشروط به، إذ المفروض كون الحاصل منها تكليفا واحدا متعلقا بالغسل أو الوضوء الحاصل بأدائه مرة.