به عنده، والقول بخروج ذلك بملاحظة الاستعلاء - إذ لا استعلاء في الطلب الندبي - غير متجه لما سنشير اليه إن شاء الله.
ومنها: ما اختاره الحاجبي من أنه اقتضاء فعل غير كف على جهة الاستعلاء.
ويرد عليه جميع ما يرد على السابق عليه سوى انتقاضه بالأمر الندبي، فإن المندوب مأمور به عنده.
ويرد عليه أيضا شموله للاقتضاء الحاصل بغير القول، وخروج كف نفسك عنه، فإنه اقتضاء كف.
وقد يجاب عن الأول بما سيجئ الإشارة اليه إن شاء الله.
وعن الثاني تارة بأن المراد الكف عما هو مأخذ الاشتقاق عند عود الكلام إلى اللفظي، فيدخل فيه اكفف إذ لا يطلب فيه الكف عن الكف.
وأخرى بأن المراد أنه عند عود الكلام إلى اللفظي لا يكون دالا على الكف بصيغته، فيندرج فيه كف لدلالته عليه بالجوهر، وهو راجع إلى الأول.
وثالثا: بأن الكف عن الفعل قد يكون ملحوظا بذاته مقصودا بنفسه فيكون كسائر الأفعال المطلوبة، وقد يكون ملحوظا من حيث كون متعلقا بغيره وحالا من أحوال ذلك الغير، كما هو الحال في الكف الملحوظ في النهي، فإنه إنما لوحظ من حيث كونه حالا للمنهي عنه فهو إذن غير مستقل بالمفهومية، والمقصود بغير الكف في المقام هو الثاني فلا نقض.
ورابعا: بأن الكف قد يكون مقصودا بذاته، وقد يكون مقصودا لحصول الترك به، فالغرض الأصلي إذن عدم الفعل، لكنه لما لم يمكن تعلق التكليف به لكونه غير مقدور جعل تعلقه بالكف وسيلة اليه، فليس الكف مقصودا بذاته، بل لكونه موصلا إلى غيره، والمقصود في المقام هو الثاني.
وأنت خبير بضعف الجميع، فإن تقييد الكف بما إذا كان عن مأخذ الاشتقاق مما لا دليل عليه في الحد، بل الظاهر من الإطلاق خلافه، فإن أريد بالفعل المتعلق للطلب فعل مأخذ الاشتقاق كان قوله: " غير كف " حينئذ لغوا.