وإن أريد به نفس مأخذ الاشتقاق أو الأعم كان ذلك استثناء عنه، فيخرج به ما إذا كان مأخذ الاشتقاق كفا، ومنه يظهر الحال في الثاني.
ثم إن الظاهر من استثناء الكف كونه ملحوظا بذاته، إذ لو كان ملحوظا لغيره كان متعلق الطلب في الحقيقة هو ذلك الغير دون الكف، وهو خلاف ظاهر الإطلاق.
ومع الغض عن ذلك فلا أقل من تساوي الوجهين، وهو كاف في الإيراد.
هكذا، وظاهر هذه الحدود المأخوذ فيها الطلب وما بمعناه جنسا يعطي كون الأمر موضوعا بإزاء المعنى دون اللفظ، وهو ينافي ما نصوا عليه من الاتفاق على كونه حقيقة في القول المخصوص.
وقد ذكر الكرماني عند الكلام في الحد الذي ذكره الحاجبي: أن الواجب عليه أن يقيد الاقتضاء باقتضاء القول، لأن حقيقة الأمر لا بد فيها من القول اتفاقا.
وبهذا يظهر ضعف ما قيل (1) من أن الأمر بالحقيقة هو اقتضاء الفعل - أعني ما يقوم بالنفس - من الطلب، وتسمية الصيغة بالأمر مجاز.
وكأن ما ذكره مبني على ما ذهب اليه بعض الأشاعرة من كون الكلام هو النفسي وأن الكلام مجاز في اللفظي، وحيث إن الأمر نوع منه فيتبعه في ذلك.
وأنت خبير بأن ذلك أيضا ينافي ما ادعوه من الاتفاق في المقام، إذ لا ملازمة بين الأمرين، إلا أن يقال: إن المراد بالقول أيضا هو النفسي. وفيه ما لا يخفى.
نعم، يصح على مذهبهم جواز إطلاق الأمر على الأمرين، فلذا يصح تحديده بالقول وبالأمر القائم بالنفس، فيكون الأول أمرا لفظيا والثاني نفسيا.
ومن ذلك يظهر اندفاع ما أورده الكرماني، وأما على رأي من يرى بطلان الكلام النفسي فقد يشكل الحال في ذلك، وقد يبنى تحديدهم له على الوجه الثاني على التسامح، فيكون تحديدا للدال بمدلوله.
ولا يبعد أن يقال بثبوت معنيين للأمر بحسب العرف وإن كان المتداول عندهم