قلت: الفرق بين المعنيين واضح مع قطع النظر عن ملاحظة الإسناد والحكم، إذ المراد بكل الرجال في العام المجموعي هو مجموع الآحاد، وفي الاستغراقي هو كل واحد منها، وهو معنى آخر ومفهوم مغاير لذلك المفهوم ضرورة كيف!
وليس الملحوظ في الأول إلا المجموع وليست الآحاد ملحوظة إلا في ضمنه، وكل من الآحاد ملحوظة في الثاني على جهة الاجمال، فالفرق بين المعنيين بين لا خفاء فيه.
نعم، يمكن أن يقال: إن المستعمل فيه في العام الاستغراقي أيضا معنى واحد شامل للجزئيات، فيكون المستعمل فيه في المشترك عند استعماله في جميع معانيه معنى آخر مغايرا لكل واحد من معانيه، غير أنه يندرج فيه اندراج الخاص في العام الأصولي، كما نص عليه غير واحد من محرري محل النزاع، فلا يكون استعمالا في شئ من معانيه، بل هو استعمال له في غير ما وضع له قطعا، نظير استعماله في مجموع معانيه ويتوقف صحته على وجود العلاقة المصححة فلا يكون من محل النزاع في شئ ولا ينطبق عليه الأقوال الموجودة في المسألة.
فالحق خروج ذلك عن محل النزاع أيضا، وإنما البحث في استعماله في كل من معنييه أو معانيه على نحو آخر.
وتوضيح المقام: أن استعمال المشترك في المعنيين يتصور على وجوه:
أحدها: أن يستعمل في المعنيين معا فيندرج فيه كل منهما على نحو اندراج الآحاد تحت العشرة مثلا، وحينئذ فقد يكون الحكم منوطا بكل منهما بحيث يكون كل من المعنيين متعلقا للإثبات والنفي، كما قد يناط الحكم بكل من آحاد العشرة إذا أسند حكم إليها.
وقد يكون منوطا بالمجموع من حيث المجموع.
وهذان الوجهان مشتركان في استعمال اللفظ في المعنيين معا، إلا أنه قد انضم إلى كل منهما اعتبار غير ما في الآخر حيث أسند الحكم بملاحظته إلى كل منهما في الأول، والى المجموع في الأخير.