استقلالا إلا أنهما يلاحظان معا من حيث وقوع الحكم عليهما.
ألا ترى أنك إذا قلت: قتل زيد و " عمرو بكرا " فقد أردت من كل من اللفظين معناه بإرادة منفردة، لكنك أسندت القتل إلى المجموع فكذا في المقام، إذ المفروض وقوع الاستعمال الواحد مقام استعمالين حسب ما ذكرناه.
فقد ظهر بما فصلناه ما في كلام القوم من الاجمالي في المقام، وعدم توضيح المرام بما يرفع غشاوة الإبهام عما هو محل البحث والكلام، وأن ما اعتبروه في المقام من كون كل من المعنيين مناطا للحكم ومتعلقا للإثبات والنفي ليس في محله.
وكذا ما ذكروه من إناطة الحكم بالمعنيين معا في الوجه الرابع حيث جعلوه وجه الفرق بين الوجهين الأخيرين، بل أكثر كلماتهم في تحرير محل النزاع لا يخلو ظاهره عن إيراد كما لا يخفى على الناظر فيها بعد التأمل فيما قررنا.
وظهر أيضا مما قررنا أن استعمالات المشترك ترتقي إلى ثمانية.
ثم لا يذهب عليك أن ما ذكرناه في بيان محل النزاع إنما يتم بالنسبة إلى المفرد وأما في التثنية فلا يصح ذلك، إلا إذا قرر النزاع فيها بإرادة الفردين من كل من المعنيين أو المعاني التي يراد من مفردها، ليكون المراد بها الأربعة أو الستة، وهكذا على النحو الذي قررنا.
والظاهر أنهم لم يجعلوا ذلك محلا للنزاع بالنسبة إليها بل اكتفوا فيها بمجرد إرادة المعنيين، فيكون تعدد المعنيين بأنفسهما كافيا فيما يعتبر من التعدد في مدلولها، أو يكون المراد بها الفردين ولو كانا من معنيين، والثاني إنما يتم في غير الأعلام.
وكيف كان، فليس الاستعمال هناك في معنيين مطابقيين كما هو المفروض في المفرد، لاعتبار الإثنينية في أصل وضع التثنية والمفروض انتفاء التعدد بالنسبة إليها وانما اعتبر في معناه الأفرادي الذي هو جزء مدلولها، فمرجع النزاع فيها إلى أنه هل يجوز بناء التثنية من معنيين مختلفين أو لا بد في بنائها من اتحاد المعنى،