التكليف الثانوي بذلك على فرض مخالفته للواقع دون ما إذا لم يتحقق هناك تكليف ثانوي به وإن قلنا بمعذورية الفاعل على فرض بذل وسعه أو غفلته لانتفاء الأمر بالفعل القاضي بصحته ولو في الظاهر، كما سيجئ بيانه إن شاء الله.
وأما الاختلاف الحاصل من جهة الموضوعات فإن كان الحكم فيه دائرا بحسب الواقع مدار ما دل عليه الطرق الشرعية في إثبات ذلك الموضوع - كما هو الحال في القبلة في بعض الوجوه والظن المتعلق بأداء الواجبات غير الأركان في الصلاة - فالظاهر الحكم بالصحة واندراج الفعل في تلك العبادة وإن خالف الحكم الأولي.
وأما ما كان الحكم فيه دائرا مدار الواقع وإن أنيط الحكم ظاهرا بما دل عليه الدليل الذي جعل طريقا اليه فلا يبعد القول بالخروج عن المسمى مع المخالفة.
وقد يفصل بين صورة انكشاف الخلاف وعدمه، وما إذا علم بخلو أحد الفعلين والأفعال المحصورة عن الأمر المعتبر في الصحة وعدمه، فمع عدم انكشاف الخلاف وعدم العلم به على النحو المذكور يقال بحصول الطبيعة واتصافها بالصحة الشرعية، فيندرج الكل في العبادة المطلوبة وإن كان على خلاف ذلك بحسب حكمه الأولي.
بخلاف صورة الانكشاف أو دوران المانع بين فعلين أو أفعال محصورة، كما لو دارت الجنابة بين شخصين فلا يحكم معه بصحة الفعلين وإن حكم بصحة كل منهما في ظاهر الشرع بالنظر إلى المتلبس به، ولتفصيل الكلام في ذلك مقام آخر لعلنا نشير اليه في بحث دلالة الأمر على الاجزاء إن شاء الله تعالى.
ثانيها: أنه يمكن إجراء البحث المذكور في غير العبادات مما ثبت فيه للشارع معنى جديد كاللعان والإيلاء والخلع والمبارات... ونحوها بناء على استعمال الشارع لتلك الألفاظ في غير المعاني اللغوية، فيقوم احتمال كونها أسامي لخصوص الصحيحة منها، أو الأعم منها ومن الفاسدة.
وكان الأظهر فيها أيضا الاختصاص بالصحيحة، ويجري بالنسبة إليها كثير من الوجوه المذكورة، ويتفرع عليه عدم الحكم بثبوت تلك الموضوعات إلا مع