واستدامته وإنما يتوقف عليه في ابتداء حصوله غير متجه، كيف! وليس التصديق إلا نفس الحكم أو مجموع الحكم والتصورات، فكيف يعقل حصوله من دونها ابتداء أو استدامة؟!
وقد يقال بمثل ذلك في طريان الجنون أيضا، إذ لا يحتاج المجنون بعد رفع الجنون إلى تجديد الاكتساب لما حصله من العلوم، فهي حاصلة له موجودة عنده في الخزانة.
إلا أن الجنون مانع من التفاته إليها كالسكر والإغماء، فإبدال النائم والغافل بالمجنون غير نافع في المقام.
نعم، لو طال جنونه بحيث زالت الصورة المذكورة عن النفس بالمرة صح ما ذكر، إلا أن صدق المؤمن عليه حينئذ على سبيل الحقيقة غير مسلم، وإنما هو في حكم المسلم كالأطفال، بل لو بني الأمر على ذلك في كل مجنون لم يكن بعيدا، وربما يستظهر ذلك من كلام جماعة من الأصحاب.
وثانيا بأنه أخص من المدعى أو غير مطابق للدعوى، فإنه إن جعل النزاع في الأعم مما يكون المبدأ فيه حدوثيا وغيره كما هو الظاهر، فهو غير واف به، وإن خص بما إذا كان المبدأ فيه حدوثيا فهو غير مطابق للمدعى.
وثالثا بانتقاضه بعدم صدق المؤمن عليه بعد ارتداده، وعدم صدق الكافر عليه إذا سبق منه الكفر، وإلا لكان جملة من أكابر الصحابة كفارا على الحقيقة.
والجواب عنه بكون المنع هناك من جهة الشرع دون اللغة جار في المقام.
ورابعا: بالتزام عدم صدق المؤمن عليه حينئذ على سبيل الحقيقة وإنما هو بحكم المؤمن في الشرع، وهو كما ترى.
وأما عن الثامن فأولا: بخروج الأمثلة المذكورة عن محل النزاع على ما قيل، وقد مرت الإشارة اليه.
وثانيا: بأنه أخص من المدعى، فلا يثبت به العموم، والإجماع المركب غير متحقق في المقام.