أيضا، ولذا يقال: " هذا قاتل زيد أو ضاربه أو مكرمه " وإن لم يكن في حال صدور تلك الأفعال منه، وأما ما كان من قبيل الصفات كالصغير والشاب والحي والأحمر والأصفر ونحوها فالغالب عدم استعمالها كذلك، ولذا لا يطلق شئ من تلك الألفاظ بعد زوال الاتصاف سيما مع طريان الضد الوجودي، كما في تلك الأمثلة.
قلت: لا يخفى أن ظاهر إطلاق اللفظ بملاحظة معناه الموضوع له على مصداق من المصاديق تحقق ذلك المعنى في ذلك المصداق بالفعل واندراجه تحته بحسب الحال الذي لوحظ إطلاق اللفظ عليه بحسبه وإن لم يكن حال النطق، فإطلاقه عليه باعتبار تحققه في زمان سابق وجعل ذلك عنوانا لملاحظة تلك الذات المندرجة تحته ولو بعد زوال الاتصاف خروج عن مقتضى ظاهر اللفظ، إلا أنه لما قام الدواعي على ملاحظة ذلك في جملة من المشتقات كان ذلك باعثا على جريان الإطلاقات عليها كما في الأمثلة المتقدمة، فإنه لما كان اتصاف الذات بذلك المبدأ في آن من الأوان وكانت الأغراض متعلقة بحسب العادة بتعريف تلك الذات وبيانها بالجهة المذكورة جروا في التعبيرات على النحو المذكور، وشاع فيها الملاحظة المذكورة في الإطلاقات العرفية بحيث صار الاعتبار المذكور هو الظاهر في كثير منها بخلاف الصفات اللازمة، فإن تعريف الذات وبيانها غالبا إنما يكون بتلك الصفة الحاصلة فيها سيما مع طريان الضد الوجودي فهناك وإن أمكن الاعتبار المذكور بحسب العقل، إلا أنه لم تجر العادة به ولم يتعارف في المخاطبات، فلذا لا ينصرف اللفظ اليه مع الإطلاق، بل ولا مع القرينة في بعضها، إذ إرادة المجاز من جهة علاقة ما كان قد يكون أقرب منه في الملاحظات العرفية، اللهم إلا أن يقوم قرينة دالة على خصوص الاعتبار المذكور كما إذا وقع ذلك موضوعا في الخاصتين لدلالة اللا دوام بملاحظة المقام على الاعتبار المذكور.
فتحصل مما بيناه أن إطلاق المشتقات على من زال عنه المبدأ على سبيل الحقيقة كما هو الظاهر في كثير من الأمثلة لا ينافي وضعها لخصوص الحال بالمعنى المذكور، وتبين الوجه في الفرق الحاصل بين الأمثلة من غير حاجة إلى