على كثيرين " ونحوها فليس المراد بتلك الموضوعات إلا المفاهيم الموجودة في الذهن، ضرورة عدم ثبوت تلك الأحكام لها في الخارج، ومن المعلوم بعد ملاحظة العرف انتفاء التجوز فيها.
ويمكن دفع الأول بأن المفهوم عرفا من تلك الألفاظ في الأمثلة المفروضة ليس إلا الأمور الخارجية ابتداء، فهي مستعملة فيها قطعا لا أن يكون المراد منها الصور الحاصلة في الأذهان الموصلة إلى تلك الأمور ليكون فهم الأمور الخارجية بتلك الواسطة، وذلك أمر معلوم بالوجدان بعد ملاحظة المفهوم من تلك الألفاظ في تلك المقامات.
فإن قلت: لا شك أن الانتقال هناك إلى الأمور الخارجية إنما يكون بتوسط الصور الذهنية، لعدم إمكان إحضار نفس الأمور الخارجية بواسطة الألفاظ المستعملة من غير واسطة، فمن أين يعلم كون اللفظ مستعملا في الأمور الخارجية دون الصور الذهنية؟ مع أن المفروض حصول الانتقال إلى الأمرين، فكما أنه يحتمل أن تكون مستعملة في الأمور الخارجية - ويكون الانتقال إلى الصور الذهنية من باب المقدمة، حيث إنه لا يمكن إحضارها إلا بصورها - كذا يحتمل أن تكون تلك الصور هي المستعمل فيها من حيث إيصالها إلى الأمور الخارجية، فيتبعها الانتقال إلى الخارج، فإن الانتقال إلى الصور من حيث كونها مرآة للخارج يستلزم الانتقال إلى الأمور الخارجية.
قلت: لا ريب أن الصور الذهنية الحاصلة في المقام غير ملحوظة من حيث كونها صورا حاصلة في الذهن أصلا، بل ليست ملحوظة إلا من حيث ملاحظة الخارج بها، فليس المفهوم من تلك الألفاظ إلا الأمور الخارجية وليس الانتقال من اللفظ في ملاحظة السامع إلا إليها ابتداء غير أن الانتقال إليها في الواقع إنما كان بواسطة صورها وقضية ذلك كون حصول الصورة مقدمة عقلية للانتقال إلى تلك المعاني، فإن دلالة اللفظ على المعنى كونه بحيث يلزم من العلم به العلم بمعناه، فمعنى اللفظ في الحقيقة غير العلم بمعناه الحاصل من الدلالة - أعني