الحاصلة في الذهن ولا بملاحظة نفسه - سواء كانت حاصلة في الذهن أو في الخارج - ليكون حكاية عن الأعم من الموجود في الذهن أو في الخارج، بل من حيث كونه حكاية وعنوانا للأمر الخارج.
فالمفاهيم التي من شأنها الاتصاف بالوجود الخارجي على فرض وجودها كالمذكورات ونحوها إنما وضعت الألفاظ بإزائها بملاحظة كونها خارجية وإن لم توجد في الخارج أصلا كالعنقاء، بل ولو كانت ممتنعة في الخارج كشريك الباري، فإنه إنما يراد به الأمر الخارجي المشارك للباري في صفات الكمال.
وأما ما لم يكن من شأنها الاتصاف بالوجود الخارجي كالكلية والجنسية والفصلية ونحوها فهي أيضا قد وضعت لها الألفاظ من حيث كونها عنوانا للأفراد الموجودة بوجودها اللائق بحالها وإن كان حصولها في الذهن.
والحاصل أن الكلية ليست موضوعة لمفهوم جواز الصدق على كثيرين بملاحظة نفسه، ليصدق على ذلك بملاحظة كونه متصورا عند العقل، بل من حيث كونه عنوانا لملاحظة تلك الحيثية الحاصلة في المفاهيم الكلية من الانسان والحيوان وغيرهما وإن كان حصول تلك الحيثية في الذهن خاصة.
وأما ما كانت من شأنها أن تكون في الخارج وفي الذهن معا فهي موضوعة بإزائها بكل من الاعتبارين كالزوجية، فإنها موضوعة بإزاء المفهوم المذكور من حيث كونه عنوانا للأفراد الذهنية أو الخارجية، فالمفاهيم إنما وضعت لها الألفاظ بملاحظة تحصلها في ظرفها اللائق بحالها من الذهن أو الخارج، من غير أن يكون ذلك التحصل جزء من الموضوع له ولا قيدا فيه، بل قد وضع الألفاظ بإزائها بتلك الحيثية ومن تلك الجهة، سواء كانت تلك الحيثية حاصلة لها في الواقع أو لا، وذلك مما لا إشكال فيه بالنسبة إلى ما يكون له وجود كذلك إما في الذهن، أو الخارج، أو ما يصح تقدير وجوده كذلك كما في العنقاء وشريك الباري.
وأما ما لا يكون له وجود في نفسه مع قطع النظر عن تصوره ولا يصح أن يفرض له مصاديق خارجية أو ذهنية يصدق عليها على حسب التقدير