في كثير من الألفاظ مما وضع للأمور الذهنية كالكلية ونحوها، وما وضع للأعم كالزوجية والفردية ونحوهما والتزام التخصيص إذن يرجع إلى القول بالتفصيل.
حجة القول بوضعها للأمور الذهنية أمور:
أحدها: أن وضع الألفاظ للمعاني إنما هو لأجل التفهيم والتفهم، ومن البين أن ذلك إنما يكون بحصول الصور في الذهن، فليس المفهوم من الألفاظ إلا الصور الحاصلة، وهي التي ينتقل إليها من الألفاظ فتكون الألفاظ موضوعة بإزائها وهي مرآة لملاحظة الأمور الخارجية وآلة لمعرفتها.
ويدفعه أن كون التفهيم والتفهم بحصول الصور لا يستدعي كون الألفاظ موضوعة بإزاء الصور، لجواز أن تكون موضوعة للأمور الخارجية ويكون الانتقال إليها بواسطة صورها، ضرورة انحصار طريق العلم بها حينئذ بذلك، فليس المنتقل اليه إلا نفس الأمور الخارجية إلا أن الانتقال إليها بحصول صورها لا أن المنتقل اليه هو نفس الصورة، وهذا هو الظاهر من ملاحظة العرف.
فإن قلت: إن الصورة الحاصلة إذا اخذت مرآة للخارج ووضع اللفظ بإزائها من تلك الجهة كان المنتقل اليه أولا بحسب الملاحظة هو الأمر الخارج قطعا، إلا أن المنتقل اليه في الواقع هو الصورة أولا، فكون المنتقل اليه بحسب العرف هو الأمور الخارجية أولا إنما هو من هذه الجهة، لا لكون اللفظ موضوعا بإزائها.
قلت: الظاهر تعلق الوضع بما يحصل الانتقال من اللفظ اليه ابتداء بحسب ما يفهم منه في العرف حسب ما مرت الإشارة اليه، ومع الغض عنه فمجرد قيام ما ذكره من الاحتمال كاف في هدم الاستدلال.
ثانيها: أنها لو لم تكن موضوعة لذلك لما اختلفت التسمية بحسب اختلاف الصور الذهنية مع عدم اختلاف الشئ في الخارج، فدوران التسمية مدار ذلك دال على وضعها بإزاء الصور الذهنية حيث اختلفت الأسامي باختلافها من دون اختلاف الأمر الخارجي، يدل على ذلك أن من رأى شبحا من بعيد يسميه إنسانا إذا اعتقده ذلك، ثم إذا اعتقده شجرا يطلق عليه اسم الشجر، ثم إذا اعتقده حجرا