واعترض من خالف في ذلك بان قال: يعلم ذلك بغير الامر أو الإباحة وهو ان يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تفعل كذا وكذا فان فعلت ذلك فقد أجزأ عنك) وقام مقام الحسن الواجب والمباح (١).
واستدلوا أيضا بان قالوا: قد ثبت ان النهى عن الربا في القران دل على فساد المنهي عنه فينبغي ان يكون سائر النواهي مثل ذلك (٢).
واعترض من خالف في ذلك بان قال: لم نعلم ذلك بظاهر النهى بل بقرينة وهي قوله: ﴿لا تأكلوا الربوا﴾ (3) فلو كان ذلك مجزيا لما نهى عن اكله (2).
وقالوا: النهى عن ذلك مثل النهى عن تلقى الركبان وعن البيع يوم الجمعة وغير ذلك وكل ذلك لا يدل على فساد المنهي عنه.
ولمن نصر الاستدلال بالآية ان يقول: هذه المواضع لو خليت والظاهر لحكمت بفساد المعنى (4) فيها لكن دل الدليل على أن ذلك جائز فقلت به لمكان الدليل.
فاما من خالف في المذهب الذي ذكرناه من أن النهى يقتضى فساد المنهي عنه وجعل الطريق الذي به يعلم فساد المنهي عنه كونه مجزيا فحكى أبو عبد الله البصري (5) عن أبي الحسن الكرخي انه متى كان وقوع المنهي عنه على الوجه الذي نهى عنه يقتضى انه واقع على غير الشرط الذي اقتضاه الشرع [ف] وجب فساده لأنه انما يصح إذا اتى به على شروطه والنهى (6) عنه قد أحل بذلك وما لم تكن هذه حاله من الأشياء المنهي عنها فإنه يكون مجزيا.