الشافعي (1) في تعلقه بقوله تعالى: " أو لامستم النساء فلم تجدوا ماءا فتيمموا " (2) بأن يقال: لما دل الدليل على أن الحكم المذكور في الآية يتعلق بالجماع، وجب حمل الآية على أنه المراد به دون غيره من وجهين:
أحدهما: انا قد بينا ان اللفظ إذا تناول شيئين فليس في ثبوت كون أحدهما مرادا ما ينافي أن يكون الاخر أيضا مرادا.
والذي يقتضيه عندنا الوقف ان لم يكن الوقت وقت الحاجة، وان كان الوقت وقت الحاجة وجب حمله عليهما جميعا.
والوجه الثاني: ان تسمية الجماع باللمس انما هو على طريق المجاز دون الحقيقة، وقد بينا ان اللفظ يجب حمله على الحقيقة، الا أن يدل دليل على أنه أراد المجاز. ولو دل أيضا الدليل على أنه أراد المجاز، لم يكن ذلك مانعا من أن يريد به ما تقتضيه حقيقته الا أن يدل دليل على أنه لم يرد حقيقته على ما قدمنا القول فيه.
وكذلك القول في قوله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء " (3) ان ثبوت الوطء مراد بالآية لا يمنع من إرادة العقد بها أيضا على ما قدمناه، فينبغي أن يجرى الباب على ما حررناه، فان أعيان المسائل لا تنحصر، وأصولها ما حررناه ونعود الان إلى الترتيب الذي وعدنا به في أبواب أصول الفقه على ما قررناه إن شاء الله تعالى.