" أصبح هشيما " يابسا " تذروه الرياح " أي تفرقه وتطرحه ذات اليمين وذات الشمال " وكان الله على كل شئ مقتدرا " أي هو قادر على هذه الحال وهذه الحال وكثيرا ما يضرب الله مثل الحياة الدنيا بهذا المثل كما قال تعالى في سورة يونس " إنما مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والانعام " الآية وقال في الزمر " ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه " الآية وقال في سورة الحديد " اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الأموال والأولاد كمثل غيث أعجب الكفار نباته " الآية وفي الحديث الصحيح " الدنيا خضرة حلوة ". وقوله: " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " كقوله: زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب الآية وقال تعالى: " إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم " أي الاقبال عليه والتفرغ لعبادته خير لكم من اشتغالكم بهم والجمع لهم والشفقة المفرطة عليهم ولهذا قال " والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا " قال ابن عباس وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف: الباقيات الصالحات الصلوات الخمس وقال عطاء بن أبي رباح وسعيد بن جبير عن ابن عباس: الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهكذا سئل أمير المؤمنين عثمان بن عفان عن الباقيات الصالحات ما هي؟ فقال: هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم رواه الإمام أحمد حدثنا أبو عبد الله المقري حدثنا حياة حدثنا أبو عقيل أنه سمع الحارث مولى عثمان رضي الله عنه يقول: جلس عثمان يوما وجلسنا معه فجاءه المؤذن فدعا بماء في إناء أظنه سيكون فيه مد فتوضأ ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ وضوئي هذا ثم قال " من توضأ وضوئي هذا ثم قام فصلى صلاة الظهر غفر له ما كان بينها وبين الصبح ثم صلى العصر غفر له ما بينها وبين الظهر ثم صلى المغرب غفر له ما بينها وبين العصر ثم صلى العشاء غفر له ما بينها وبين المغرب ثم لعله يبيت يتمرغ ليلته ثم إن قام فتوضأ وصلى صلاة الصبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء وهن الحسنات يذهبن السيئات " قالوا هذه الحسنات فما الباقيات الصالحات يا عثمان؟ قال: هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم تفرد به وروى مالك عن عمارة بن عبد الله بن صياد عن سعيد بن المسيب قال: الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقال محمد بن عجلان عن عمارة قال: سألني سعيد بن المسيب عن الباقيات الصالحات فقلت: الصلاة والصيام فقال: لم تصب فقلت الزكاة والحج فقال لم تصب ولكنهن الكلمات الخمس لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله. وقال ابن جريج أخبرني عبد الله بن عثمان بن خيثم عن نافع عن سرجس أنه أخبره أنه سأل ابن عمر عن الباقيات الصالحات قال: لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله قال ابن جريج وقال عطاء بن أبي رباح مثل ذلك وقال مجاهد:
الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. وقال عبد الرزاق: أخبرنا معمر عن الحسن وقتادة في قوله: " والباقيات الصالحات " قال: لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله وسبحان الله هن الباقيات الصالحات قال ابن جرير: وجدت في كتابي عن الحسن بن الصباح البزار عن أبي نصر التمار عن عبد العزيز بن مسلم عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " هن الباقيات الصالحات قال: وحدثني يونس أخبرنا ابن وهب أخبرنا عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن ابن الهيثم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" استكثروا من الباقيات الصالحات " قيل وما هن يا رسول الله؟ " قال الملة " قيل وما هي يا رسول الله؟ قال " التكبير والتهليل والتسبيح والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله " وهكذا رواه أحمد من حديث دراج به.
قال وهب أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن مولى سالم بن عبد الله حدثه قال: أرسلني سالم إلى