ملائكة سماء الدنيا وقال ابن إسحاق عن خلاد بن عطاء عن طاوس عن ابن عباس قال: كان إبليس قبل أن يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان الأرض وكان من أشد الملائكة اجتهادا وأكثرهم علما فذلك دعاه إلى الكبر وكان من حي يسمون جنا. وقال ابن جريج عن صالح مولى التوأمة وشريك بن أبي نمر أحدهما أو كلاهما عن ابن عباس قال: إن من الملائكة قبيلة من الجن وكان إبليس منها وكان يسوس ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه شيطانا رجيما لعنه الله ممسوخا قال: وإذا كانت خطيئة الرجل في كبر فلا ترجه وإذا كانت في معصية فارجه وعن سعيد بن جبير أنه قال: كان من الجنانين الذين يعملون في الجنة وقد روي في هذا آثار كثيرة عن السلف وغالبها من الإسرائيليات التي تنقل لينظر فيها والله أعلم بحال كثير منها ومنها ما قد يقطع بكذبه لمخالفته الحق الذي بأيدينا وفي القرآن غنية عن كل ما عداه من الأخبار المتقدمة لأنها لا تكاد تخلو من تبديل وزيادة ونقصان وقد وضع فيها أشياء كثيرة وليس لهم من الحفاظ المتقنين الذين ينفون عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين كما لهذه الأمة من الأئمة والعلماء والسادة والأتقياء والبررة والنجباء من الجهابذة النقاد والحفاظ الجياد الذين دونوا الحديث وحرروه وبينوا صحيحه من حسنه من ضعيفه من منكره وموضوعه ومتروكه ومكذوبه وعرفوا الوضاعين والكذابين والمجهولين وغير ذلك من أصناف الرجال كل ذلك صيانة للجناب النبوي والمقام المحمدي خاتم الرسل وسيد البشر صلى الله عليه وسلم أن ينسب إليه كذب أو يحدث عنه بما ليس منه فرضي الله عنهم وأرضاهم وجعل جنات الفردوس مأواهم وقد فعل وقوله " ففسق عن أمر ربه " أي فخرج عن طاعة الله فإن الفسق هو الخروج يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من أكمامها وفسقت الفأرة من جحرها إذا خرجت منه للعيث والفساد ثم قال تعالى مقرعا وموبخا لمن اتبعه وأطاعه " أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني " الآية أي بدلا عني ولهذا قال " بئس للظالمين بدلا " وهذا المقام كقوله بعد ذكر القيامة وأهوالها ومصير كل من الفريقين السعداء والأشقياء في سورة يس " وامتازوا اليوم أيها المجرمون - إلى قوله - أفلم تكونوا تعقلون ".
ما أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا خلق أنفسهم وما كنت متخذ المضلين عضدا (51) يقول تعالى: هؤلاء الذين اتخذتموهم أولياء من دوني عبيد أمثالكم لا يملكون شيئا لا أشهدتهم خلق السماوات والأرض ولا كانوا إذ ذاك موجودين، يقول تعالى: أنا المستقل بخلق الأشياء كلها ومدبرها ومقدرها وحدي ليس معي في ذلك شريك ولا وزير ولا مشير ولا نظير كما قال " قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له " الآية ولهذا قال " وما كنت متخذ المضلين عضدا قال مالك: أعوانا.
ويوم يقول نادوا شركائي الذين زعمتم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم وجعلنا بينهم موبقا (52) ورأى المجرمون النار فظنوا أنهم مواقعوها ولم يجدوا عنها مصرفا (53) يقول تعالى مخبرا عما يخاطب به المشركين يوم القيامة على رؤوس الاشهاد تقريعا لهم وتوبيخا " نادوا شركائي الذين زعمتم " أي في دار الدنيا ادعوهم اليوم ينقذونكم مما أنتم فيه كما قال تعالى " ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء لقد تقطع بينكم وضل عنكم ما كنتم تزعمون " وقوله " فدعوهم فلم يستجيبوا لهم " كما قال " وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم " الآية وقال " ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له " الآيتين وقال تعالى " واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا " وقوله