زياد بن خيثمة عن محمد بن جحادة عن عامر بن عبد الواحد قال: بلغني أن الرجل من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول له قد أنى لك أن يكون لنا منك نصيب فيقول من أنت؟ فتقول أنا من المزيد فيمكث معها سبعين سنة ثم يلتفت فإذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه فتقول له قد أنى لك أن يكون لنا منك نصيب فيقول من أنت؟ فتقول أنا التي قال الله (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) وقال ابن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال: تدخل عليهم الملائكة في مقدار كل يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات معهم التحف من الله من جنات عدن ما ليس في جناتهم وذلك قوله تعالى (فلا تعلم نفس ما أحفي لهم من قرة أعين) ويخبرون أن الله عنهم راض وروى ابن جرير حدثنا سهل بن موسى الرازي حدثنا الوليد بن مسلم عن صفوان بن عمرو عن أبي اليمان الهوزني أو غيره قال: الجنة مائة درجة أولها درجة فضة وأرضها فضة ومساكنها فضة وآنيتها فضة وترابها المسك والثانية ذهب وأرضها ذهب ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها المسك والثالثة لؤلؤ وأرضها اللؤلؤ ومساكنها اللؤلؤ وآنيتها اللؤلؤ وترابها المسك وسبع وتسعون بعد ذلك مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم تلا هذه الآية (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم) وقال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم حدثنا معتمر بن سليمان عن الحكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الروح الأمين قال " يؤتى بحسنات العبد وسيئاته ينقص بعضها من بعض فإن بقيت حسنة واحدة وسع الله له في الجنة قال فدخلت على بزداد فحدث بمثل هذا الحديث قال فقلت فأين ذهبت الحسنة قال (أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم) الآية قلت قوله تعالى (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) قال العبد يعمل سرا أسره إلى الله لم يعلم به الناس فأسر الله له يوم القيامة قرة أعين.
أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون (18) أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنت المأوى نزلا بما كانوا يعملون (19) وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون (20) ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون (21) ومن أظلم ممن ذكر بأيت ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون (22) يخبر تعالى عن عدله وكرمه أنه لا يساوي في حكمه يوم القيامة من كان مؤمنا بآياته متبعا لرسله بمن كان فاسقا أي خارجا عن طاعة ربه مكذبا لرسل الله إليه كما قال تعالى (أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون) وقال تعالى (أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار) وقال تعالى (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة) الآية ولهذا قال تعالى ههنا (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) أي عند الله يوم القيامة وقد ذكر عطاء بن يسار والسدي وغيرهما أنها نزلت في علي بن أبي طالب وعقبة بن أبي معيط ولهذا فصل حكمهم فقال (أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات) أي صدقت قلوبهم بآيات الله وعملوا بمقتضاها وهي الصالحات (فلهم جنات المأوى) أي التي فيها المساكن والدور والغرف العالية (نزلا) أي ضيافة وكرامة (بما كانوا يعملون * وأما الذين فسقوا) أي خرجوا عن الطاعة فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها كقوله (كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها) الآية قال الفضيل بن عياض: والله إن الأيدي لموثقة وإن الأرجل لمقيدة وإن اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم (وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون) أي يقال لهم ذلك تقريعا وتوبيخا وقوله تعالى (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر) قال ابن عباس