صخرة تحت الأرضين السبع وذكره السدي بإسناده ذلك المطروق عن ابن مسعود وابن عباس وجماعة من الصحابة إن صح ذلك ويروى هذا عن عطية العوفي وأبي مالك والثوري والمنهال بن عمرو وغيرهم وهذا والله أعلم كأنه متلقى من الإسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب والظاهر والله أعلم أن المراد أن هذه الحبة في حقارتها لو كانت داخل صخرة فإن الله سيبديها ويظهرها بلطيف علمه. كما قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو أن أحدكم يعمل في صخرة صماء ليس لها باب ولا كوة لخرج عمله للناس كائنا ما كان ". ثم قال (يا بني أقم الصلاة) أي بحدودها وفروضها وأوقاتها (وأمر بالمعروف وانه عن المنكر) أي بحسب طاقتك وجهدك (واصبر على ما أصابك) علم أن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لا بد أن يناله من الناس أذى فأمره بالصبر وقوله (إن ذلك من عزم الأمور) إن الصبر على أذى الناس لمن عزم الأمور. وقوله (ولا تصعر خدك للناس) يقول لا تعرض بوجهك عن الناس إذا كلمتهم أو كلموك احتقارا منك لهم واستكبارا عليهم ولكن ألن جانبك وابسط وجهك إليهم كما جاء في الحديث " ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منبسط وإياك وإسبال الازار فإنها من المخيلة والمخيلة لا يحبها الله " قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (ولا تصعر خدك للناس) يقول لا تتكبر فتحتقر عباد الله وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك وكذا روى العوفي وعكرمة عنه وقال مالك عن زيد بن أسلم (ولا تصعر خدك للناس) لا تتكلم وأنت معرض وكذا روي عن مجاهد وعكرمة ويزيد بن الأصم وأبي الجوزاء وسعيد بن جبير والضحاك وابن زيد وغيرهم وقال إبراهيم النخعي يعني بذلك التشديق في الكلام. والصواب القول الأول قال ابن جرير: وأصل الصعر داء يأخذ الإبل في أعناقها أو رؤوسها حتى تفلت أعناقها عن رؤوسها فشبه به الرجل المتكبر ومنه قول عمرو بن حي التغلبي:
وكنا إذا الجبار صعر خده * أقمنا له من ميله فتقوما وقال أبو طالب في شعره:
وكنا قديما لا نقر ظلامة * إذا ما ثنوا صعر الرؤوس نقيمها وقوله (ولا تمش في الأرض مرحا). أي خيلاء متكبرا جبارا عنيدا لا تفعل ذلك يبغضك الله ولهذا قال (إن الله لا يحب كل مختال فخور) أي مختال معجب في نفسه فخور أي على غيره وقال تعالى (ولا تمش في الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا) وقد تقدم الكلام على ذلك في موضعه وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى حدثنا أبي عن ابن أبي ليلى عن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ثابت بن قيس بن شماس قال: ذكر الكبر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فشدد فيه فقال (إن الله لا يحب كل مختال فخور) فقال رجل من القوم والله يا رسول الله إني لأغسل ثيابي فيعجبني بياضها ويعجبني شراك نعلي وعلاقة سوطي فقال " ليس ذلك الكبر إنما الكبر أن تسفه الحق وتغمط الناس " ورواه من طريق أخرى بمثله وفيه قصة طويلة ومقتل ثابت ووصيته بعد موته. وقوله (واقصد في مشيك) أي امشي مشيا مقتصدا ليس بالبطئ المتثبط ولا بالسريع المفرط بل عدلا وسطا بين بين. وقوله (واغضض من صوتك) أي لا تبالغ في الكلام ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه ولهذا قال (إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) وقال مجاهد وغير واحد إن أقبح الأصوات لصوت الحمير أي غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه ومع هذا هو بغيض إلى الله وهذا التشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " ليس لنا مثل السوء العائد في هبته كالكلب يقئ ثم يعود في قيئه " وقال النسائي عند تفسير هذه الآية حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا الليث عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا "