هذه الخلال فليست بصلاة. الاخلاص والخشية وذكر الله فالاخلاص يأمره بالمعروف والخشية تنهاه عن المنكر وذكر الله القرآن يأمره وينهاه وقال ابن عون الأنصاري إذا كنت في صلاة فأنت في معروف وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر وقال حماد بن أبي سليمان (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر) يعني ما دمت فيها وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى (ولذكر الله أكبر) يقول ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه وكذا روى غير واحد عن ابن عباس وبه قال مجاهد وغيره: وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد الأحمر عن داود بن أبي هند عن رجل عن ابن عباس (ولذكر الله أكبر) قال ذكر الله عند طعامك وعند منامك قلت فإن صاحبا لي في المنزل يقول غير الذي تقول قال وأي شئ يقول؟ قلت قال يقول الله تعالى (فاذكروني أذكركم) فلذكر الله إيانا أكبر من ذكرنا إياه قال: صدق قال وحدثنا أبي حدثنا النفيلي حدثنا إسماعيل عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى (ولذكر الله أكبر) قال لها وجهان قال ذكر الله عندما حرمه قال وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه وقال ابن جرير حدثني يعقوب بن إبراهيم أخبرنا هشيم أخبرنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن ربيعة قال: قال لي ابن عباس هل تدري ما قوله تعالى (ولذكر الله أكبر)؟ قال قلت نعم قال فما هو؟ قلت التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك قال لقد قلت قولا عجيبا وما هو كذلك ولكنه إنما يقول ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم إياه وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس وروي أيضا عن ابن مسعود وأبي الدرداء وسليمان الفارسي وغيرهم واختاره ابن جرير.
ولا تجادلوا أهل الكتب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم وحد ونحن له مسلمون (46) قال قتادة وغير واحد: هذه الآية منسوخة بآية السيف ولم يبق معهم مجادلة وإنما هو الاسلام أو الجزية أو السيف وقال آخرون بل هي باقية محكمة لمن أراد الاستبصار منهم في الدين فيجادل بالتي هي أحسن ليكون أنجع فيه كما قال تعالى (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة) الآية وقال تعالى لموسى وهارون حين بعثهما إلى فرعون (فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) وهذا القول اختاره ابن جرير وحكاه عن ابن زيد. وقوله تعالى (إلا الذين ظلموا منهم) أي حادوا عن وجه الحق وعموا عن واضح المحجة وعاندوا وكابروا فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد ويقاتلون بما يمنعهم ويردعهم قال الله عز وجل (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد - إلى قوله - إن الله قوي عزيز) قال جابر:
أمرنا من خالف كتاب الله أن نضربه بالسيف قال مجاهد (إلا الذين ظلموا منهم) يعني أهل الحرب ومن امتنع منهم من أداء الجزية. وقوله تعالى (وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم) يعني إذا أخبروا بما لا نعلم صدقه ولا كذبه فهذا لا نقدم على تكذيبه لأنه قد يكون حقا ولا تصديقه فلعله أن يكون باطلا ولكن نؤمن به إيمانا مجملا معلقا على شرط وهو أن يكون منزلا لا مبدلا ولا مؤولا. قال البخاري رحمه الله حدثنا محمد بن بشار حدثنا عثمان بن عمر أخبرنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وما أنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون " وهذا الحديث تفرد به البخاري. وقال الإمام أحمد حدثنا عثمان بن عمرو أخبرنا يونس عن الزهري أخبرني ابن أبي نملة أن أبا نملة الأنصاري أخبره أنه بينا هو جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءه رجل من اليهود فقال يا محمد هل تتكلم هذه الجنازة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الله أعلم " قال اليهودي أنا أشهد أنها تتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله فإن كان حقا لم تكذبوهم وإن كان