خلق الله السماوات والأرض بالحق إن في ذلك لاية للمؤمنين (44) أتل ما أوحى إليك من الكتب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون (45) * يقول تعالى مخبرا عن قدرته العظيمة أنه خلق السماوات والأرض بالحق يعني لا على وجه العبث واللعب (لتجزى كل نفس بما تسعى) (ليجزي الذين أساءوا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى) وقوله تعالى (إن في ذلك لآية للمؤمنين) أي لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلهية. ثم قال تعالى آمرا رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن وهو قراءته وإبلاغه للناس (وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ولذكر الله أكبر) يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين على ترك الفواحش والمنكرات أي مواظبتها تحمل على ترك ذلك وقد جاء في الحديث من رواية عمران وابن عباس مرفوعا " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله إلا بعدا ".
(ذكر الآثار الواردة في ذلك) قال ابن أبي حاتم حدثنا محمد بن هارون المخرمي الفلاس حدثنا عبد الرحمن بن نافع أبو زياد حدثنا عمر بن أبي عثمان حدثنا الحسن عن عمران بن حصين قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله (إن الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر) قال " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له " وحدثنا علي بن الحسين حدثنا يحيى بن أبي طلحة اليربوعي حدثنا أبو معاوية عن ليث عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا " رواه الطبراني من حديث أبي معاوية. وقال ابن جرير حدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا خالد بن عبد الله عن العلاء بن المسيب عمن ذكره عن ابن عباس في قوله (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) قال فمن لم تأمره صلاته بالمعروف وتنهاه عن المنكر لم يزدد بصلاته من الله إلا بعدا. فهذا موقوف. قال ابن جرير وحدثنا القاسم حدثنا الحسين حدثنا علي بن هاشم بن البريد عن جويبر عن الضحاك عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة " وطاعة الصلاة أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر. قال: قال سفيان (قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك) قال فقال سفيان إي والله تأمره وتنهاه.
وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا أبو خالد عن جويبر عن الضحاك عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو خالد مرة عن عبد الله " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر " والموقوف أصح كما رواه الأعمش عن مالك بن الحارث عن عبد الرحمن بن يزيد قال قيل لعبد الله إن فلانا يطيل الصلاة قال إن الصلاة لا تنفع إلا من أطاعها: وقال ابن جرير حدثنا علي حدثنا إسماعيل بن مسلم عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من صلى صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلا بعدا " والأصح في هذا كله الموقوفات عن ابن مسعود وابن عباس والحسن وقتادة والأعمش وغيرهم والله أعلم. وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا يوسف بن موسى أنبأنا جرير - يعني ابن عبد الحميد - عن الأعمش عن أبي صالح قال أراه عن جابر شك الأعمش قال: قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق قال " سينهاه ما تقول " وحدثنا محمد بن موسى الجرشي أخبرنا زياد بن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه ولم يشك ثم قال: وهذا الحديث قد رواه عن الأعمش غير واحد واختلفوا في إسناده فرواه غير واحد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو غيره وقال قيس عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال جرير وزياد عن عبد الله عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع أخبرنا الأعمش قال أرى أبا صالح عن أبي هريرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن فلانا يصلي بالليل فإذا أصبح سرق فقال " إنه سينهاه ما تقول ". وتشتمل الصلاة أيضا على ذكر الله تعالى وهو المطلوب الأكبر ولهذا قال تعالى (ولذكر الله أكبر) أي أعظم من الأول (والله يعلم ما تصنعون) أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم. وقال أبو العالية في قوله تعالى (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) قال إن الصلاة فيها ثلاث خصال فكل صلاة لا يكون فيها شئ من