حين تفرس في عمر وصاحب يوسف حين قال أكرمي مثواه وصاحبة موسى حين قالت: (يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوى الأمين) قال: (إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين) أي طلب إليه هذا الرجل الشيخ الكبير أن يرعى غنمه ويزوجه إحدى ابنتيه هاتين قال شعيب الجبائي وهما صفوريا وليا وقال محمد بن إسحاق صفوريا وشرفا ويقال ليا وقد استدل أصحاب أبي حنيفة بهذه الآية على صحة البيع فيما إذا قال بعتك أحد هذين العبدين بمائة فقال اشتريت أنه يصح والله أعلم وقوله: (على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا فمن عندك) أي على أن ترعى غنمي ثماني سنين فإن تبرعت بزيادة سنتين فهو إليك وإلا ففي الثمان كفاية (وما أريد أن أشق عليك ستجدني إن شاء الله من الصالحين) أي لا أشاقك ولا أؤذيك ولا أماريك وقد استدلوا بهذه الآية الكريمة لمذهب الأوزاعي فيما إذا قال بعتك هذا بعشرة نقدا أو بعشرين نسيئة أنه يصح ويختار المشتري بأيهما أخذه صح وحمل الحديث المروي في سنن أبي داود " من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا " على هذا المذهب وفي الاستدلال بهذه الآية وهذا الحديث على هذا المذهب نظر ليس هذا موضع بسطه لطوله والله أعلم. ثم قد استدل أصحاب الإمام أحمد ومن تبعهم في صحة استئجار الأجير بالطعمة والكسوة بهذه الآية واستأنسوا في ذلك بما رواه أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة في كتابه السنن حيث قال باب استئجار الأجير على طعام بطنه حدثنا محمد ثنا محمد بن المصفي الحمصي حدثنا بقية بن الوليد عن مسلمة بن علي عن سعيد بن أبي أيوب الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال سمعت عتبة بن المنذر السلمي يقول كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ طسم حتى إذا بلغ قصة موسى قال: (إن موسى آجر نفسه ثماني سنين أو عشرة سنين على عفة فرجه وطعام بطنه) وهذا الحديث من هذا الوجه ضعيف لان مسلمة بن علي وهو الخشني الدمشقي البلاطي ضعيف الرواية عند الأئمة ولكن قد روي من وجه آخر وفيه نظر أيضا وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا صفوان حدثنا الوليد حدثنا عبد الله بن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن علي بن رباح اللخمي قال سمعت عتبة بن المنذر السلمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن موسى عليه السلام آجر نفسه بعفة فرجه وطعمة بطنه " وقوله تعالى إخبارا عن موسى: (قال ذلك بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل) يقول إن موسى قال لصهره الامر على ما قلت من أنك استأجرتني على ثمان سنين فإن أتممت عشرا فمن عندي فأنا متى فعلت أقلهما فقد برئت من العهد وخرجت من الشرط ولهذا قال: (أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي) أي فلا حرج علي مع أن الكامل وإن كان مباحا لكنه فاضل من جهة أخرى بدليل من خارج كما قال تعالى: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحمزة بن عمرو الأسلمي رضي الله عنه وكان كثير الصيام وسأله عن الصوم في السفر فقال: " إن شئت فصم وإن شئت فأفطر " مع أن فعل الصيام راجح من دليل آخر هذا وقد دل الدليل على أن موسى عليه السلام إنما فعل أكمل الأجلين وأتمهما وقال البخاري حدثنا محمد بن عبد الرحيم حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا مروان بن شجاع عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير قال: قال سألني يهودي من أهل الحيرة أي الأجلين قضى موسى؟ فقلت لا أدري حتى أقدم على حبر العرب فأسأله فقدمت على ابن عباس رضي الله عنه فسألته فقال قضى أكثرهما وأطيبهما إن رسول الله إذا قال فعل. هكذا رواه حكيم بن جبير وغيره عن سعيد بن جبير ووقع في حديث الفتون من رواية القاسم بن أبي أيوب عن سعيد بن جبير أن الذي سأله رجل من أهل النصرانية والأول أشبه والله أعلم وقد روي من حديث ابن عباس مرفوعا قال ابن جرير حدثنا أحمد بن محمد الطوسي حدثنا الحميدي حدثنا سفيان حدثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " سألت جبريل أي الأجلين قضى موسى قال أتمهما وأكملهما " ورواه ابن أبي حاتم عن أبيه عن الحميدي عن سفيان وهو ابن عيينة حدثني إبراهيم بن يحيى بن أبي يعقوب وكان من أسناني أو أصغر مني فذكره. وفي إسناده قلب وإبراهيم هذا ليس بمعروف. ورواه البزار عن أحمد بن أبان القرشي عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن أعين عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ثم قال لا نعرفه مرفوعا عن ابن عباس إلا من هذا الوجه. ثم قال ابن أبي حاتم قرئ على يونس بن عبد الاعلى أنبأنا ابن وهب أنبأنا عمرو بن الحارث عن
(٣٩٧)